q

في فك شفرات الموت وتحليل اسبابه التي قد تكون غامضة في بعض الحالات، يكون الطب العدلي حاضرا لبيان هذه الحقائق، وازالة اللبس والإبهام... وبما ان العلم في تطور متسارع فان الطرق التي يعتمدها هذا النمط من الطب قد ازدادت اتساعا واعتمادا على احدث التقنيات باستخدام الاجهزة الطبية الحديثة، والتي اسهمت في اختصار الوقت والجهد.. وهنا نسلط الضوء على هذا النمط من الطب بشكل تفصيلي.

الطب العدلي

الطب العدلي" هو ذلك الفرع من العلوم الطبية الذي يُعنى بدراسة الجانب أو الوجه الطبي في القضايا و الوقائع المعروضة أمام الجهات القضائية والتحقيقية (سواء كانت متعلقة بأشخاص أموات أو أحياء أو نماذج مختبرية أو غيرها) أي أنه يربط بين الطب والقانون كما أنه ركن من أركان الكشف عن الجرائم والوقاية منها خدمة للمجتمع.

وللطب العدلي مسميات كثيرة فهو يسمى بهذا الاسم في العراق إرتباطه سابقا بوزارة العدل وربما تكون التسمية مأخوذة عن الأتراك إستعمالهم أياه. حيث كان العراق تابعا للدولة العثمانية وكان يسمى ذلك بالطب القانوني أما في الدول العربية الأخرى مثل مصر والأردن فيسمى ( بالطب الشرعي).

واجبات ومهام الطب العدلي:

١ – فحص المصابين لتحديد الإصابة وسببها.

٢ – تشريح الجثث والأشلاء وفحص العظام لتحديد الهوية وبيان سبب الوفاة والإجابة على أسئلة الجهات التحقيقية.

٣ - حضور عملية فتح القبر لاستخراج الجثة لوصفها او تشريحها لبيان سبب الوفاة او اتخاذ اي اجراء اخر يطلبه قاضي التحقيق.

٤ - ابداء الرأي الفني في الوقعات الطبية المعروضة امام القضاء.

٥ - تقدير العمر وتحديد الجنس بناء على طلب محكمة او جهة رسمية مختصة.

٦ - اجراء الكشف والمعاينة موقعيا عند الاقتضاء.

٧ - فحص الوقائع الناجمة عن الجرائم المخلة بالأخلاق والآداب العامة.

٨- فحص المواد المنوية والدموية وبيان فصائلها.... ومهام اخرى متعددة.

الحامض النووي DNA

ما هو الـ DNA؟، إن خصائص الكائن الحي الجسمية مسجلة جميعها على شكل شفرات وراثية تحملها جزيئات خاصة تدعى بالحامض النووي ( Dna ) وجزيئة الحامض النووي توجد في نواة كل خليه وهذه الجزيئة تتشكل من اتحاد الآلاف من أربعة أنواع من الجزيئات المسماة (النيوكلوتايد) والتي تكون سلسلة متصلة من هذه الجزيئات الحية.

ما أهميته في الجسم:

تكسب جزيئات الـ DNA الكائن الحي صفاته الجسمية والانسان من هذه الكائنات وكما يختلف عن باقي الأحياء لا ختلاف الـ Dna الخاصة به فهو يختلف كذلك عن أي إنسان آخر وإن ترتيب الـ Dna يميز الإنسان حتى في أدق تفاصيل جسمة العضوية مثل الطول والعين والشعر ولون البشرة إضافة إلى وجود 206 عظم و 600 عضلة وعشرة آلاف شبكةعصبية للسمع ومليوني شبكة بصرية ومائة مليار خلية عصبية، أي أن المخطط الخاص لـ 100 ترليون خلية موجود في الـ Dna الخاص بالخلية الواحدة.

ما حجم مكونات جزيئات الـDNA؟

لو حاولنا نسخ الشفرات الوراثية الموجودة على جزيئة الـ Dna على الورق لتكونت لدينا مكتبة ضخمة قوامها 900 مجلد يتألف من 500 صفحة. وهذا الكم الهائل من المعلومات موجود على شكلكتابة كودية (شفرية) في جزيئة الـ Dna الموجودة في نواة الخلية والتي لا يمكن رؤيتها الإ بالمجهر.

وتوجد كمية ضخمة من المعلومات المشفرة في جزيئة الـ Dna الخاصة بالإنسان تكفي لملء مليون صفحة لموسوعة ضخمة... نعم مليون صفحة !! ومن المستحيل أن يحدث هذا الامرالخارق بالمصادفة... فتبارك الله احسن الخالقين.

تشريح الجثة ( التشريح الجنائي لجثث الاموات)

تشريح الجثة (بالإنجليزية: Autopsy) يسمى أيضاً بـ التشريح الجنائي أو فحص ما بعد الوفاة، هو إجراء طبي يتكون من فحص دقيق للجثة لتحديد سبب وطريقة الوفاة وتقييم أي مرض أو إصابة قد تكون حدثت للجثة. وعادة يقوم بالعملية طبيب متخصص في علم الأمراض.

ويتم اجراء عمليات التشريح إما لأغراض قانونية أو لأسباب طبية. على سبيل المثال، قد يتم تشريح الجثة جنائيا عندما تحدث الوفاة يسبب إجرامي، في حين يتم تنفيذ عملية التشريح السريري أو الأكاديمي لمعرفة الأسباب الطبية للوفاة، كما يتم التشريح أيضا في حالات الوفاة غير معروفة السبب، أو لأغراض البحث والتعليم. ويمكن تصنيف عمليات التشريح إلى الحالات التي يكتفى فيها بالفحص الخارجي، إلى الحالات التي تتطلب تشريح الجثة وإجراء الفحوص الداخلية. وعادة، يتم التشريح بعد موافقة الأقارب. وبعد القيام بالتشريح الداخلي يعاد تشكيل الجسد عن طريق إعادة خياطته من جديد.

طريقة الوصول الى الجاني عن طريق الاثبات بالأدلة الجنائية الحديثة

أولا: تحليل ADN (الحمض النووي):

مادة ADN هي واحدة في كل خلية وسائل ونسيج في جسم الفرد، ولا يمكن تغييره بواسطة أي علاج معروف، وعليه، فإن هذه المادة أصبحت رائدة في الاستعراف والتمييز بين أبناء الجسم البشري.

وقد أحدثت هذه المادة ثورة في العلوم الجنائية، حيث لم يعد من الصعب إثبات أبوة فلان لطفل بما لا يقبل الجدل أو الشك.

كما يمكن تحديد هوية الجاني من خلال عقب سيجارة (تحليل آثار اللعاب عليه) أو حتى من خلال شعرة واحدة يعثر عليها في مسرح الجريمة.

وعلى مستوى التحقيقات الجنائية، فقد تمكنت دوائر المكتب الفدرالي للتحقيقات ومختبرات الشرطة الأمريكية من كشف العديد من الجرائم بواسطة هذه البصمة ADN.

من خلال قطع الملابس المبللة بالدم أو الملطخة بالسائل المنوي أو من خلال شعر الضحية والجاني.

ولم تعرف البصمة الوراثية حتى عام 1984 حينما نشر "د.أليك جيفريز"، عالم الوراثة بجامعة لندن بحثا أوضح فيه أن هذه المادة الوراثية قد تتكرر عدة مرات وتعيد نفسها في تشابهات عشوائية غير مفهومة، وواصل أبحاثه وتوصل بعد عام واحد إلى أن هذه التشابهات مميزة لكل فرد، ولا يمكن أن تتشابه بين الأفراد إلا في حالة التوائم المماثلة فقط، بل إن احتمال تشابه بصمتين وراثيتين بين شخص وآخر هو واحد في الترليون، مما يجعل التشابه مستحيلا وسجل "د.أليك" براعة اكتشافه عما 1985 وأطلق على هذه التشابهات اسم البصمة الوراثية للإنسانthe ADN.

ومن ثم يظهر جليا أهمية تحليل ADN كوسيلة متطورة وفعالة في الإثبات الجنائي، كما تظهر الأهمية القصوى للآثار المادية التي يكتشفها المحققون في مسرح الجريمة.

ثانيا: البصمات:

تندرج البصمات ضمن الخطوط التي تكسو أطراف الأصابع وراحة اليد، وهي تختلف اختلافا لا حد له حسب اختلاف الأشخاص وهذه البصمات إذا ما لامست جسما من الأجسام، إلا وتركت عليها آثارها، وهذا راجع أساسا إلى تكوين بشرة الجلد المغطاة بطبقة دهنية خفيفة من إفرازات العرق.

ولمعرفة البصمات في مكان الجريمة، فالأمر يوجب معرفة مكان وكيفية دخول الجاني وخرجه، وكذلك فحص جميع الأشياء التي من المحتمل أن يكون الجاني قد لامسها أو نقلها من مكانها الأصلي.

والبصمات قد تكون ظاهرية، حيث يمكن أ، يراها الخبير بالعين المجردة عند معاينة مكان الحادث، أو خفية، والتي لا يمكن إظهارها إلا باستعمال مواد كيماوية على شكل مسحوق أو سائل.

وقد أرشدنا الله سبحانه وتعالى للبصمة وأهميتها من خلال قوله تعالى :((أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه بلى قادرين على أن نسوي بنانه))، والبنان هو نهاية الأصبع، وتنقسم البصمات إلى عدة أنواع:

أ – بصمة الرائحة:

لكل إنسان بصمة الرائحة المميزة له عن سائر البشر، حيث يقول الله تعالى على لسان يعقوب عليه السلام: ((ولما فصلت العير قال أبوهم إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون)).

من هنا تم استغلال هذه البصمة المميزة في تتبع آثار أي شخص معين. وأبرز مثال على ذلك، الكلاب التي تستطيع بعد شم ملايين من البشر أن تخرج الشخص المعين من بين آلاف البشر.

ب – بصمة الشفاه :

وهي تلك العضلات القرمزية التي كثيرا ما تغنى بها الشعراء، وقد ثبت أن لبصمة الشفاه صفة مميزة لدرجة أنه لا يختلف اثنان فيها. ويتم أخذ بصمة الشفاه بواسطة جهاز به حبر غير مرئي، حيث يتم الضغط على شفاه الشخص بعد أن يوضع عليها ورق من نوع النحاس فتطبع عليه البصمة.

وتعتبر هذه البصمة من وسائل الإثبات ذات الفعالية الكبرى، وأكبر دليل على ذلك هو تمكن الخبراء من التعرف على الأشخاص بواسطة عقب سجارة.

ج – بصمة العين:

لقد عملت إحدى الشركات الأمريكية لصناعة الأجهزة الطبية على ابتكار بصمة العين، حيث أكدت الشركة أنه لا توجد عينان متشابهتان في كل شيء، ويتم أخذ هذه البصمة عن طريق النظر في عدسة الجهاز الذي يقوم بدوره بالتقاط صورة لشبكة العين، وعند الاشتباه في أي شخص، يتم الضغط على زر معين بالجهاز، فتتم مقارنة صورته بالصورة المختزلة في الجهاز.

د – بصمة الأذن:

حيث تعد إحدى أهم البصمات التي يتم الاعتماد عليها في الإثبات، لكن بطريقة معقدة تستوجب تكنولوجيا عالية، وتتميز هذه البصمة بكونها الوحيدة التي لا تتغير منذ ولادة الإنسان وحتى مماته.

وعموما فإن المحاكم الجنائية تعمل على الأخذ بالبصمات كدليل إثبات قاطع بعد أن يثبت لها علميا أن الشك لا يتطرق إليها.

لكن تبقى بعض الحالات يمكن للجاني الفرار من المسؤولية الجنائية، وذلك بالتخلص من آثار البصمات بالحرق، هذا فضلا عن إمكانية إزالتها عن طريق الجراحة.

رأي الشريعة الاسلامية في تشريح جثث الاموات:

لا يجوز تشريح بدن الميت المسلم لغرض التعلم ونحوه مالم يتوقف عليه حياة مسلم آخر ولو في المستقبل أو مصلحة مهمة توازي مفسدته الاولية أو تترجح عليها، وتجب الدية به حتى في حال جوازه، نعم يجوز تشريح بدن الميت الكافر بأقسامه إذا لم يكن محقون الدم في حال حياته، أو كان ذلك جائزاً في شريعته مطلقاً، أو مع اذنه في حال الحياة أو اذن وليه بعد الوفاة وكذا المشكوك كونه محقون الدم في حال الحياة فانه يجوز تشريحه.

أن تطور العلوم الطبية ساهمة مساهمة كبيرة في مساعدة العدالة للتعرف على الادلة الخفية التي من خلالها يختفي المجرم ويظلم شخص اخر، كذلك معرفة اسباب عديد لأمراض مختلفة للوقاية منها والبحث عن علاجاتها ونحن كمسلمين ينبغي مراعاة جميع الواجبات الشرعية التي لا تخالف الدين الاسلامي في هذا المجال.

اضف تعليق