q

الاخلاق يجب ان تُشتق موضوعياً للأسباب التالية:

1- لوجود مفهومي الخير والاخلاق.

2- تختلف الثقافات فيما يتعلق بأفعال اخلاقية معينة، ولذا تظهر الحاجة لمعرفة اي منها صحيح لكن الثقافات تتفق على مسألة وجود الاخلاق والحاجة اليها.

3- النسبية ليست منطقية وهي تفشل في العمل.

4- لكي تكون المبادئ الاخلاقية شرعية ومنسجمة، فهي يجب ان تُشتق من خارج المجتمعات الانسانية. وفي غير ذلك فان الاخلاق هي مجرد اختيار الفرد وشعوره، وليست فهما للحقيقة.

5- وجود الدين. الناس يعترفون بالمظهر الاخلاقي لعبادة الله، حتى المنكرين لله يدركون ان الحاجة للأخلاق تتقرر من مصدر ما او شيء ما اكبر من الانسانية.

1- اولا، وجود مفهومي الخير والاخلاق.

ان مجرد وجود فكرة الخير يؤكد وجود شيء ما في المجتمع الانساني مختلف عن الأرانب والذئاب. "الطبيعة" هي اخلاقية، الارانب لا تعترض على حقيقة ان الذئاب تأكلها. لا توجد هناك فكرة، خارج افلام الكارتون، ترى فيها الحيوانات بعضها خيرة وبعضها سيئة. وهكذا، فان الطبيعة الانسانية هي بطريقة ما مختلفة عن المخلوقات الاخرى. طريقة ما نعرف فيها ان مبادئ وافعال معينة هي "خيرة" ومقبولة، بدلا من ان تكون مجرد ضرورة للوجود. نحن نتأمل الفكرة المطلقة للمبدأ الاخلاقي ذاته، وكذلك عالمية مثل هذه الفكرة. كل الثقافات الانسانية ليس لها بالضبط نفس القوانين الاخلاقية، لكن جميع الثقافات لديها قانون اخلاقي. هذا المفهوم للطبيعة الانسانية يدعو لقوانين اخلاقية تناسب جميع الناس، نحن نبحث عنها، نعتقد بها، نشعر اننا بحاجة لها.

2- الثقافات تختلف بشأن افعال اخلاقية معينة لكن جميع الثقافات تعترف ايضا ان الاخلاق موجودة.

الثقافات الانسانية ليست لديها معيار واحد في تقييم الافعال الاخلاقية. ثقافة معينة ربما تقيّم السرقة، كما في بعض قبائل الهنود الامريكيين، خاصة ضد الاعداء. مثل هذا الفعل، يعكس الشجاعة والمهارة في المعركة. ثقافة اخرى ربما تمقت بشدة فكرة ان الفرد يجب السماح له بالسرقة من الآخرين، والقيمة هنا هي قداسة الملكية الخاصة، كما في الدول الصناعية الغربية. حينما تحدث الاختلافات، يبرز السؤال وهو اي فكرة اخلاقية تنتج السلوك الصحيح. في مكان ما من تاريخ التفاعل الثقافي الانساني وجدنا ان هاتين القيمتين تتصادمان. حيث لا يمكن ان تكونا كلاهما صحيحتان. ما هي اذا الفكرة الاخلاقية الحقيقية؟ هنا تظهر الحاجة لمعيار موضوعي، معيار يتجاوز اي ثقافة، بدلا من ان يكون مجرد تفضيل لثقافة على اخرى.

الثقافات الانسانية تميل حقا للاتفاق حول بعض الافكار الاخلاقية، مثل قتل الناس، القسوة (ليس ضد الاعداء)، الاغتصاب، وافعال العنف الاخرى التي تفرض رغبة فرد على آخر. حقيقة ان هناك اتفاق يعني الاشارة لمصدر عام للضمير الاخلاقي، مستوى تخضع له كل محاولات الانسان. (ليوس) سمّى هذه الفكرة "القانون الاخلاقي" او القانون الطبيعي للاخلاق، وهي فكرة مشابهة لفكرة كانط عن "قانون الطبيعة". كانط يؤسس مفهومه على عقل الانسان القبلي العملي الخالص، الذي يشخّصه ليوس في رمزية الله ضمن طبيعة الانسان. ضرورات كانط الحتمية تصر على ان الاخلاق ترتكز على مبادئ صالحة غير فردية، تتمحور حول القيمة الباطنية للصحيح ذاته، والتي يجب ان يتصرف الانسان على اساسها. "كل حافز آخر يجب ان يعطي مكانا للواجب، لأن الواجب هو شرط للرغبة الخيرة بذاتها، المتجاوزة في قيمتها كل شيء. هذه المبادئ عملت وفق عقلانية تجلب الانسجام والنظام للتفاعلات الاجتماعية الانسانية. اي فرد عقلاني بالكامل سوف يميّز بالضرورة الخير ويتصرف وفقا للضرورات. يصر كانط على ان مسألة الاخلاق هي المبدأ وليس الضعف او عدم الانسجام في طبيعة الانسان.

ان الصراع بين السوفسطائيين البروتوغاريين وافلاطون يشير الى التاريخ القديم للمعركة بين الذاتي-الموضوعي. كانت الفكرة البروتوغارية، التي يؤيدها عدد من العلماء المحدثين مثل (روث)، و(ميلفيل هيرسكوفت)، و(سير ادوارد تايلور) وآخرين، تشير الى ان الاخلاق هي الأعراف، طالما تتصرف مختلف المجتمعات بطرق مختلفة. " رغم ان بعض الأعراف اكثر فعالية من اخرى، لكن ما يهم اكثر هو ليس مضمونها الدقيق وانما حقيقة انها يتم تقاسمها واتّباعها. التأثير المنطقي لمثل هذه الفكرة، برز بسرعة، بمعنى، ان احد ما يستطيع تحدّي بعض او جميع الأعراف والتخلّي جانبا عن كل القيود، والانانيات الفردية، لأن البقاء الاخلاقي سيكون للاصلح. فكرة (غوتر) بان "المصلحة الذاتية التنويرية " للانا في التعاون مع المجتمع والتصرف اخلاقيا تصطدم بعدة مشاكل، اولها حول مصدر السيطرة الذاتية للانا في التعاون مع القيم التي لا يقبلها هو، وثانيا الوجود المحتمل للقيمة الاخلاقية المطلقة.

مفكرون آخرون مثل (غلاكون) في جمهورية افلاطون، يقترح ان المجتمع يتطلب نوعا من الأعراف لكي يعمل. لكن هذه الفكرة تتطلب الوعي بان الناس يجب ان يمتلكوا نوعا من القيود والاّ سوف نحطم انفسنا. لماذا يكون الامر هكذا؟ ترى الدارونية الاجتماعية ان البشر هم كما في جميع الحيوانات، الاقوى هو الذي يحقق غاياتهم الفردية. اذا كانت هذه الفكرة هي ما يحصل في الواقع، فان البشر سوف لن يكونوا واعين بالافكار مثل المساواة، العدالة، التمييز، عدم العدالة، القمع، وغيرها. نحن فقط سنعيش او نموت مثل الارانب والذئاب، لأن تلك هي الطريقة الوحيدة التي تكون عليها الاشياء. لا احد يقترح خيارات اخرى. بعض المفكرين الشرقيين يعتقدون ان سلوكا اخلاقيا مشوشا سينتج عن عدم الانسجام في عمل الكون.

ولكن ما الذي يجعل الفرد ينتهك الانسجام؟ ما هي القوى التي تخلق عدم الانسجام والتي تسبب الفشل؟ الجواب الفلسفي المسيحي هو ان اثم الانسان هو المشكلة، وهو السبب الذي يدفع الناس لإيذاء انفسهم وايذاء الآخرين. قوانين الله توفر القيد الذي يسمح للمجتمعات لتعمل وتحقق الخير في العالم.

يعتقد (ريتشارد تايلور) ان الناس يمكنهم ان يكونوا "خيّرين" بدون اله، او بدون اي معيار ديني خارجي. هو يشير الى ان الناس يعرفون " ان هناك اسباب لعدم السرقة، ولعدم الاعتداء، ولعدم الكذب. هذه الاشياء تؤذي الناس". ولكن اذا لم يوجد هناك معيار او مقياس، فلماذا يحدث الألم؟ الارانب تعاني من الألم عندما تلتهمها الذئاب، لكن تلك بالضبط الطريقة التي تكون عليها الاشياء في الطبيعة. اذا لم تكن هناك مظلة او مقياس اخلاقي، لماذا لا نقبل فقط بان الاقوى "الاصلح" هو الذي سيبقى، سواء بالقوة او بالمكر او باي وسيلة ضرورية؟ فقط لأن شخص ما يؤذي الآخرين هذا لا يجعل الفعل غير اخلاقي.

نفس المنطق ينطبق على نقاش تايلور بان الاخلاق هي مجرد أعراف، لا هي طبيعية ولا هي فوق الطبيعة. حينما تكون في روما، إفعل كما يفعل الرومان. من الحجج المدافعة عن جدال تايلور هو افتراض ارسطو بان الناس يستطيعون التمييز بين الخطأ والصواب. لكن تلك الفكرة تبدو اكثر شبها بوصف ليوس للقانون الاخلاقي، المتأصل في الانسان من مصدر ديني بدلا من دعم الأعراف الثقافية.

مرة اخرى يشير تايلور الى "اليونان القديمة" لدعم الأعراف الاخلاقية بالقول ان الاخلاق لها اساس طبيعي: وهو الحاجة الانسانية، اي، الاشياء التي دائماً نكرهها ونحتاجها للأمن والسلامة والحب. ولكن من اين تأتي هذه الحاجات المُدركة؟ من يقول انها حاجات بدلا من افضليات؟ بدون مقياس خارجي يوجّه انتباهنا لما هو خير وشر، فما هي الافعال التي يتوقعها الناس من بعضهم البعض، وما هي القواعد التي يجب ان تُستخدم في المجتمع لتقييد السلوك الشرير، لا يوجد لدينا شيء منسجم نحتكم اليه. لو نلجأ فقط لخيار انسان ما او ثقافة ما ضد الآخر لا يمكن ادانة هتلر حين تفرض عليه اعرافه الثقافية ابادة اليهود. منْ يقول ان مجموعة أعراف هي افضل او اسوأ من مجموعة اعراف اخرى للناس، ووفق اي اساس نستطيع قول ذلك؟

يقول تايلور"كل ما تحتاجه هو ان تكون انسان"، المرء لا يحتاج الأخلاق الموحى بها من الدين، لكي يتعامل مع الآخرين بشكل سليم. هذه الرؤية تدعم الهيليكوست. تاريخيا نحن لم نر استجابة من الكائن البشري كما توقّع تايلور، حيث كنا دمويين، قساة، وحشيين ومدمرين بصرف النظر عن اعرافنا وعاداتنا وعقائدنا.

يعتقد وليم كراغ ان الطبيعية لا توفر اساسا سليما للاخلاق. "اذا كانت الطبيعية صادقة، فسوف لن يوجد خطأ او صواب موضوعي" يوافق عليه تايلور. ايضا، يقول كراغ انه بدون الله لا يوجد هناك صواب او خطأ موضوعي. اذا كانت الطبيعية صادقة، عندئذ نحن لا نستطيع ادانة الحرب او القمع او الجريمة. بعض الافعال ربما ليست مفيدة اجتماعيا، لكننا لا يمكن تسميتها جريمة او خطأ. يجادل كراغ بان تايلور والطبيعية يعرّفان الاخلاق كمهارة اجتماعية، لكن مهارة كهذه يمكنها ان تتطور الى وحشية بالإضافة الى الشفقة. مع طبيعية تايلور، "لا احد ملزم اخلاقيا ليكون فاضلا. "الرجل السوبرمان لدى نيتشة يعرّف فضيلته الخاصة به لكنه يصبح انانيا، نخبويا، وعديم التعاطف، وهو ما يلومه تايلور. افلاطون يعكس افضلية مشابهة باللامساواة لنوع معين من الناس على الآخر. المساواة بالاستحقاق وقيمة الحياة تجاه الناس والارانب لا تنشأ منطقيا من الطبيعية.

ثالثا، النسبية ليست منطقية ولن تعمل.

الاخلاق الذاتية تتبع الى الاخلاق النسبية او يمكن تعريفها بها. النسبية، مظهريا، تبدو جذابة للعديد من الناس، خاصة للثقافة الغربية بسبب رؤيتنا التقليدية لقيمة الفردية. اعمل طريقك الخاص، اهتم بالترتيب الاول، اسحب نفسك الى الاعلى وانت في قاربك. هناك عدة اقوال مأثورة في الادب الغربي تعزز سيادة الفرد. وهكذا عندما تنشر فلسفة معينة اخلاقية الخيارات الفردية، والفرص المختلفة، فان الفردية ستنتعش. الاخلاقية النسبية تسمح لكل فرد ليصنع خياره الخاص من السلوك، مرتكزا على ما يعتقده الافضل له. اعمل ما تحب او ما تشعر هو الجيد لك. لا توجد هناك سلطة خارجية تقرر سلوك الفرد. لكن النسبية تناقض قانون عدم التناقض لأن النقيضين لا يمكن ان يكونا كلاهما صحيحين. الحقيقة هي من حيث الاساس تعمل - وفق التعريف-، كمستبعد للكذب. "كل ادّعاء بالحقيقة يستبعد اي ادّعاء مناقض لها، ولذلك، يرى البعض ان رؤية المسيحي المؤمن بان الاخلاق هي مطلقة وعطاء من الله، هي ليست اكثر ضيقا من نقيضها، رؤية الملحد المنكر لله.

فمن جهة، هناك سلطات خارجية تأمر ببعض السلوك مثل نظام القوانين في البلد، المفروضة من جانب الشرطة والمحاكم. اذا كانت النسبية صادقة، فلماذا الحاجة للسلطات دائما؟ اليس الناس بفعل طبيعتهم الخيرة واعترافهم بحرية وحاجات الاخرين، يمنعان السلوك المدمر للمجتمع؟ تلك لم تكن ابدا الحالة التاريخية. حسنا، عندئذ سنحتاج للسلطات فقط لتلك الافعال التي تؤذي الناس. لماذا؟ النسبية الخالصة ليس فيها مثل هذه القيود. وحتى لو هي بالفعل تحتاج الى قيود، فلماذا تختار القيود التي نعمل بها؟ كيف يحدد المجتمع البراءة من الذنب؟ ما الخطأ في ازاحة الجماعات التي تجلب الاذى المعنوي والاقتصادي والسياسي لبقية الثقافة؟ لماذا نسميه اضطهادا او قمعا بدلا من تطهير ثقافي ضروري او علاج واقي؟

ومن جهة اخرى، فان النسبية لا تعمل. في مكان ما على طريق الشأن الانساني، سيتصادم الناس الذين اختاروا قيم متضادة. منْ، عندئذ يقرر طريقتهم في السلوك؟ هناك يجب ان يوجد تصميم ما والذي من دون اساءة استعمال القوانين او السلطات سوف يقود فقط الى احتمالية عمل الصحيح. سوبرمان نيتشة، صاحب السلطة، يأخذ طريقه. ربما حتى الاغلبية ستصل الى الصحيح. وفي اية حال، لا يمكن ان يكون كل شخص قادر على اختيار طريقته في الحياة. هناك دائما قيود، صراعات، سلطات، شيء ما يسمح بشكل من السلوك ويمنع سلوك اخر. "فكرة كون القيم ذاتية هي انكار للحاجة او لإمكانية الاخلاق. طالما الاخلاق ذاتية، والصواب والخطأ ليسا حقيقيين، فلا معنى للحكم على الاخرين.... وهكذا العدالة تكون مستحيلة".

رابعا، المبادئ الاخلاقية الشرعية يجب ان تُشتق من خارج رغبات الانسان.

نتائج الاخلاق الذاتية هي مدمرة للمجتمع وللافراد. القيم تصبح مقررة ذاتيا مرتكزة اساسا على الشعور والرغبات. "انها تعني لا يوجد هناك شيء مثل خير او شر... انها ليست، ولا يمكن ان تكون بيانا حول الواقع". وكما ينسب بعض المفكرين الاخلاق الى الاعراف الثقافية ويصرون بان جميع رموز الثقافة تُحترم وتُقبل، فان السؤال الذي يبرز. مع ان الثقافات المختلفة تمارس مختلف انواع السلوك الاخلاقي، فهل هناك اي منها يعمل نسبيا؟ الجواب هو بالنفي. فقط لأن المجتمعات تختلف لا يعني عدم وجود قيمة اخلاقية مطلقة. لا يمكن لأحد ضم عدة انظمة اخلاقية مختلفة بنظام واحد نسبي كليا. كل واحد من المجتمعات المختلفة لديه نظام واحد، وليس في اي منها نظام نسبي. هذا ربما يبدو جواب برجماتي لكنه في الحقيقة يتضمن سؤال حول وجود القيم الاخلاقية المطلقة. منطقيا، النسبية الاخلاقية ستفشل. "الذاتية ستُختزل الى فردية فوضوية، والعرفية ستفشل في التعامل بما يكفي مع مشاكل الاصلاحي، ومع سؤال تعريف الثقافة، و كامل مشروع النقد الاخلاقي".

افلاطون، احد اقوى المساندين للاخلاق الموضوعية (انظر الكتاب السادس من الجمهورية). ان الاشكال الابدية لا تتغير، فهناك مستوى خارجي ثابت ينطبق على كل شخص. اخلاق كويني (توماس كويني) "تتأسس على مبادئ ثابتة في الطبيعة... تُدرك من خلال العقل" وتُزرع في الطبيعة بواسطة الله كانعكاس لشخصيته ووجوده. "جميع قوانين الانسان تُحكم بالاشارة الى هذه". بعض العلماء يعتقدون ان العواطف، في الطبيعية، هي مجرد حوافز مرتبطة بحاجات الكائن، وهذه الحاجات تثير العواطف، ومن ثم افعال الكائن. كل شيء حسن لو اعتقدنا ان الانسان هو وحده مشترك بالعملية، لكن الارانب ليست لديها مثل هذه الحوافز، ولماذا يمتلكها الانسان اذا نحن مجرد كائنات متطورة في سلسلة الغذاء؟ الاخلاق المسيحية، بالاضافة لمعظم الفلسفات الدينية، تعترف بـ "حقيقة الفضائل الاخلاقية" بالاضافة للاوامر بان الانسان يجب ان يكون فاضلا اخلاقيا طبقا لنموذج خارجي موضوعي.

لا أحد يمكن ان يتأكد من ان افضلياته الفردية للأخلاق هي الصحيحة. في الحقيقة، لا وجود لنظام اخلاقي مشتق انسانيا يمكن ان يكون متأكدا من الحقيقة والصواب. نحن بالفعل نميل لارتكاب الاخطاء في الحكم والادراك. الاتهام بان المتجاوز يتفاعل مع الحاجات المادية، لا يمكن ولا يحتاج ليوضّح بعبارات تجريبية ان كان مثل هذا التفاعل حدث عشوائيا. لكن عدم التوضيح لا يعني عدم حصول الاتصال. ان القوة المحفزة للموضوعي هي ان الحقيقة والحق يجب ان يُنجزا، المستوى المتجاوز يأمر بهما ويتطلبهما، سواء كانت هناك عقوبات ضد الرافضين للانصياع او مكافئات للمنصاعين. الطبيعة الانسانية تعترف بالحاجة لتكون اخلاقية وخيرة، اذا كان المستوى يشير للطريق ويصر بوجوده بان الانسان ملزم بعقيدته، عندئذ ستجلب المقاومة للمستوى عقوبات سلبية بينما الطاعة تنتج رفاهية شخصية واجتماعية. يقول كانط:

ما لم نرغب بإنكار كل الحقيقة حول مفهوم الاخلاق ونتخلى عن تطبيقها على اي شيء ممكن، فسوف لا نستطيع رفض الاعتراف بان قانون هذا المفهوم (العقل الذي يقرر قبليا الرغبة بالواجب) هو من الاهمية الواسعة ذلك انه يجب ان يكون صالحا بضرورة مطلقة وليس مجرد تحت ظروف طارئة وباستثناءات.

افكار كانط تنتقد مخاوف الذاتيين حول محددات وقيود المستوى الموضوعي بالإشارة الى ان مثل هذه المخاوف تكشف "نقص الكائن العقلاني"، الذي يشعر انه مقيد فقط بالأوامر التي هي بالضرورة تجلّيات للمبادئ وليست فرضاً على الكائن المجبر الذي يستطيع ان يقرر فرديا اي الافعال يجب اتخاذها. كانط يصرح بان الحقيقة والحق يوجدان بالفعل موضوعيا.

5- اخيرا، وجود الدين يثير نقاشا قويا حول وجود الاخلاق الموضوعية.

لماذا "يخترع" الانسان هذه الافكار الدينية؟ يقال بسبب وجود الاحداث الطبيعية مثل العواصف والاشياء الطبيعية مثل الشمس او القمر، وتأثيرها على الحياة الارضية؟ الانسان يعترف بان هناك شيء اكثر قوة، اكبر، ابدي، ويمارس سيطرة على حياة الانسان. اذا لم يوجد مثل هذا الاعتراف، سوف لن يكون هناك سبب لعمل اي شيء سوى الوقاء من العاصفة او من حرارة الشمس. لماذا يُعتبر العنصر البيئي اكثر اهمية من غيره؟ الانسان يبدو مقيدا بعبادة شيء ما، الخضوع لقوة عظمى، ليتصور الابدي، الكائن الفائق للطبيعة، ويتصور هذا الكائن بطرق معينة. "الايمان بان الاخلاق تتطلب اله لا يقتصر على المؤمنين. العديد من الملحدين يشتركون بذلك ايضا. هناك تصور مشابه ايضا عن كيفية الاقتراب وطاعة هذا الاله. فكرة الحياة بعد الموت، ضرورة الخلاص من الاثم الفردي والتضحية والصلاة ستكون غير ضرورية تماما وغير متصورة لو عاش الانسان كالأرانب والذئاب، كما تشير اليه الطبيعية. بطريقة ما نحن نمارس الدين لأننا نعرف هناك شيء ما آخر، اكبر منّا، اليه ندين بالطاعة. لا يكفي القول اننا ببساطة اخترعنا الله لتلبية حاجاتنا للمعاني. لماذا نحن نعترف بهذه الحاجة؟ كيف اننا لدينا احساس دائما يتجاوز النوع الذي يمتلكه الحيوان؟

افلاطون اعلن عن موضوعية القيم، من خلال فكرته عن الاشكال. الخيرية ذاتها توجد في تمايز عن الاشياء الخيرة. الخيرية تامة بينما افعالنا الخيرة تتغير وليست دائما خيرة، او تُتصور كخيرة. لكن الفكرة، الشكل، الخير تستمر في معرفتنا ووعينا. الفلسفة المسيحية تحدد هذه المعرفة الفطرية برمزية عن الله، الاعتراف بالخيرية الضرورية لله. (كودويرث) احد افلاطونيي كامبردج اعلن بان " العقول الانسانية تحتوي على بصمة الحكمة الالهية والمعرفة". اقوى جدال اذاً، هو ذلك الذي يوفر اعظم المظاهر التطبيقية والمنطقية، ويستنتج بان الاحساس الانساني المشترك والتجربة يعترفان بوجود وبهيمنة فكرة الاخلاق الموضوعية على نواقص الذاتية.

* The foundation of morality: Is morality subjective or objective? Pathways school of philosophy(essays).

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق