q

في عالم بدأ يتزايد فيه حجم النفايات بصورة مطردة، باتت مشكلة النفايات من القضايا البيئية الملحة، ذلك نتيجة للزيادة السكانية من ناحية وزيادة معدلات الاستهلاك من ناحية أخرى، فضلاً عن تزايد أنواع النفايات، وخاصة النفايات الخطرة، بسبب التوسع الصناعي من جهة، واستخدام المعادن المشعة، الى جانب اسباب أخرى تتعلق باعتماد طرق غير سليمة في التخلص من النفايات مثل: الحرق، رمي النفايات في البحار والأنهار، رمي النفايات في المكبات، وغياب الشعور بالمسؤولية عند رؤساء البلديات، فهم لا يقوموا بإيجاد حلول جذرية لهذه المشكلة البيئية الخطيرة، وكذلك عدم وجود تحرك فعال للحدّ من هذه المشكلة، فالتحركات قائمة على نشاطات واجتهادات فردية على مستويات ضئيلة ومناطق محددة، ناهيك عن غياب القوانين الصارمة التي تمنع رمي النفايات وتعاقب المخالفين بدفع الغرامات أو الحبس، يقابلها إهمال المواطنين وعدم إدراكهم لحجم المشكلة البيئية الناتجة عن النفايات.

ولذلك أصبح التخلص من هذه النفايات قضية تؤرق المسئولين والعلماء، الذين يسعون للتعامل معها بما يحقق الأمن البيئي، ويحد من المخاطر البيئية والصحية التي يمكن أن تسببها تلك النفايات، التي باتت تهدد مستقبل الحياة على سطح الأرض.

ضمن اطار الموضوع يؤكد الخبراء أنه يتم إلقاء مائة ألف سلعة صناعية اخترعها الإنسان في البيئة، تمتص الأرض والبحر والهواء والأنواع التي تسكنها ما يصدر عنا من غازات ومهملات صلبة وسوائل وعناصر كيميائية وإشعاعات نووية.

ويتساءل هؤلاء الخبراء هل نعرف تأثيرها الفعلي على صحتنا وسلامة الكوكب؟، أين سينتهي الأمر بالنفايات المتزايدة التي نلقي بها؟، هل من الممكن إتلاف أو تحويل النفايات دون توليد أشكال جديدة من التلوث؟، هل تعتبر الأساليب المستخدمة في الوقت الراهن سليمة وآمنة؟، أم أننا نحول الأرض إلى مزبلة؟

يرى خبراء آخرون انه نظرا لكون النفايات من المشاكل الاساسيّة، يتوجب ايجاد الحلول الفعالة لها وتدارك مخاطرها على صحة الانسان وعلى التربة والمياه الجوفية وخاصة الغازات المنبعثة المسببة لكثير من الامراض وخاصة السرطان وبعض حالات العقم عند الاطفال وذلك حسب دراسات منظمة الحصة العالمية، وينتج العالم سنويا حوالي 4 مليار طن من النفايات تتوزع بين النفايات المنزلية والصناعية اضافة الى ما تنتجه بعد البلدان من النفايات الخطرة.

على الصعيد نفسه يقول المتخصصون بشؤون البيئة انه للسيطرة على النفايات الخطرة والحد من أضرارها على البيئة والصحة العامة، قامت العديد من الدول بوضع تشريعات للسيطرة على النفايات الخطرة والتخلص منها بطرق آمنة للحد من مخاطرها المحتملة على الإنسان، والحيوانات والنباتات، ولكن هذه الضوابط كانت قد أدخلت مؤخراً وأن تطبيقها يتم نسبيا لوجود كثيرٍ من التجاوزات التي تتم خارج نطاق السيطرة الرقابية، حيث أن هناك الكثير من الحالات التي يتم اكتشاف مستويات خطرة من المواد السامة فيها، وقد تسببت النفايات الكيميائية السامة في تلوث إمدادات المياه الجوفية، والمياه السطحية في المناطق المحيطة بها رغم عدم انتقال كميات كبيرة من تلك النفايات من موقعها. كما أن وجود مدفن قديم لنفايات سامة غير معروف لمالك عقار جديد في منطقة المدفن، قد يؤدي إلى تلوث المياه الجوفية المستخدمة من قبل مالك العقار، وأن الغازات الناجمة عن تحلل النفايات الصلبة السليلوزية قد تؤدي إلى قتل الغطاء النباتي وإلى خطر الانفجار في حال اشتعالها. كذلك النفايات السامة المتسامية فإنها تتحول من صلبة إلى سائلة أو غازات تتسرب بعد دفنها من خلال التربة وتؤدي إلى تلوث المياه الجوفية، والتربة، والنباتات ومراعي الماشية.

وعليه يبدون ان الأرض لا تعاني وحدها من تراكم النفايات التي يولدها الإنسان، فإن التطور التكنولوجي خلق مجمعات للنفايات فيما وراء المحيط الجوي، حيث تحلق النفايات الجوية. منذ إطلاق أول قمر صناعي سنة ألف وتسعمائة وسبعة وخمسين، أصبح هناك أكثر من عشرة آلاف قطعة في المدار، هي أجزاء متلفة من الصواريخ والآلات المتحررة أثناء العمليات، إلى جانب قطع أقمار صناعية معطلة، لذا يمكن أن نرى بذلك أن تخليص البيئة من التلوث أصبح بمثابة تحد يقف على أبواب الألفية الثالثة، يبدو أن مقترحات المستقبل تحذر من مخاطر استخدام بعض من أنواع التكنولوجيا وإنتاج عدد السلع المحددة، كما تشير إلى فوائد بعض من التقدم العلمي الكفيل بحماية سلامة الكوكب ومن يسكنون فيه، فيما يلي ادناه احدث الاخبار والتقارير حول النفايات في عدد من مدن العالم.

احتفالات رأس السنة خلفت أكثر من 315 طنا من النفايات

في سياق متصل، خلف المحتفلون بليلة رأس السنة على شاطئ كوباكابانا في ريو دي جانيرو البالغ عددهم مليوني شخص 315,2 طنا من النفايات أعيد تدوير 48,3 طنا منها، على ما افادت شركة "كوملورب" للتنظيف التابعة للبلدية، وبدأ 1165 عامل تنظيف مؤازرين من 247 شاحنة بجمع الأوساخ على مساحة الكيلومترات الستة التي يمتد عليها الشاطئ في وقت كان آخر المحتلفين لا يزالون نائمين على الرمل، وبعد ساعات قليلة، عاد الشاطئ نظيفا لاستقبال السكان والسياح الذين واصلوا توافدهم الى المكان لاستقبال يوم مشمس جديد قاربت الحرارة فيه 40 درجة مئوية. بحسب فرانس برس.

وشهد العام 2015 جمع 370 طنا من النفايات من شاطئ كوباكابانا بحسب شركة "كوملورب"، ولضمان انتقال آمن الى السنة الجديدة، تمت الاستعانة بـ2215 شرطيا في كوباكابانا بزيادة نسبتها 28 % مقارنة مع السنة الماضية، كما أن العدد الاجمالي للشرطيين الذين سهروا على الأمن في ولاية ريو دي جانيرو قارب 12 الفا، غير أن ذلك لم يحل دون تعرض 200 شخص للنشل في كوباكابانا، بحسب حصيلة اولية اصدرتها الشرطة الجمعة ونشرها موقع "جي 1 دي غلوبو".، وقد ازدانت سماء ريو دي جانيرو في ليلة رأس السنة بـ34 الف سهم ناري احتفالا بانطلاق سنة 2016 الحافلة بالأحداث في البرازيل إذ تقام خلالها دورة الألعاب الاولمبية الصيفية للمرة الأولى في اميركا الجنوبية.

العيش وسط القمامة ينذر بقنبلة صحية وبيئية

في مكب كبير للنفايات قرب جاكرتا يوازي مساحة 120 ملعبا لكرة القدم، يبحث الاف الاندونيسيين الفقراء بين جبال القمامة عما يمكن ان يستفاد منه في اعادة التدوير، غير مبالين بالخطر على صحتهم، يقع مكب بانتار غيبانغ في مدينة بيكاسي، وهو واحد من اكبر مساحات تجميع النفايات في العالم، اذ يمتد على 1,3 كيلومتر مربع، اي ما يعادل ثلثي مساحة امارة موناكو على سبيل المثال، تمشي فاطمة بين اكوام النفايات التي تغطي قدميها الى الركبتين، وتصارع الذباب من حولها بحثا عن زجاجات بلاستيكية لجمعها وبيعها بعد ذلك، وكانت بداية هذه السيدة مع مهنة جمع البلاستيك مضنية، فقد كانت تصاب بالدوار بسبب الرائحة الكريهة، اما الآن فقد اعتادت على الامر على ما يبدو، وتقول "الحمد لله، لم اعد اشعر بالرائحة"، وقد انتقلت حشود من الاشخاص للاقامة قرب المكب والعمل فيه، مثل بانيو الذي ألجأه الى هذه المهنة فقدانه عمله في حقول الارز بسبب الجفاف الذي يضرب هذا البلد الواقع في جنوب شرق اسيا، ويقول باينو "علينا ان نكسب قوتنا.. من يدري، قد نكسب هنا اكثر من حقول الارز". بحسب فرانس برس.

يؤكد هذا العامل ان عمله هذا يدر عليه 75 الف روبية (خمسة دولارات) يوميا، وهو مبلغ لا باس به في بلد يعيش 40 % من سكانه البالغ عددهم 250 مليونا، بأقل من دولارين يوميا، وهو واحد من نحو ستة الاف رجل وامرأة وطفل يجوبون اكوام النفايات في هذا المكب، بين القاذورات والروائح البشعة، بحثا عما يمكن ان يبيعوه مقابل حفنة صغيرة من المال، ومع ان القانون يحظر هذا النوع من الاعمال، الا ان السلطات تغض الطرف عنها، علما انها تشكل خطرا كبيرا على الصحة.

شد حبال بين السويد والنروج بشأن ... النفايات

من جهة أخرى، تعبر عشرات الشاحنات الكبيرة يوميا الحدود بين النروج والسويد، محملة بالنفايات... فهذه الحمولة ثمينة جدا في نظر البلدين اللذين يتنازعان عليها، تعاني السويد التي تتقن الفرز وإعادة التدوير من مشكلة فريدة من نوعها، فهي تفتقر إلى النفايات لتغذية المحارق التي تزود حوالى 250 ألف أسرة بالكهرباء و950 ألف مسكن بطاقة للتدفئة، وتضطر بالتالي إلى استيراد حوالى مليوني طن من النفايات في السنة، أغلبيتها من النروج المجاورة، فضلا عن بريطانيا وهولندا وفنلندا والدنمارك وإيرلندا.

ويشرح واين ويكفيست مدير "أففال سفيريغ" وهي جمعية متخصصة في القطاع "إنها بمثابة سوق، فنقل النفايات من بلد إلى آخر يخضع لقاعدة العرض والطلب"، لكن هذه السوق لا تمتثل للمعايير التقليدية، فالمصدرون (البلديات والمصانع) هم الذين يدفعون للمستوردين (المحارق) لحرق "منتجاتهم"، وخلال السنوات الأخيرة، راحت محطات حرق النفايات تنتشر في السويد، ما أدى إلى تراجع الأسعار، ودفع ذلك البلديات المحدودة الميزانيات في النروج المجاورة إلى اللجوء إلى خدمات جارتها السويدية للتخلص من مخلفاتها.

فبلدية فوس مثلا على الساحل الغربي للنروج ترسل نفاياتها إلى يونشوبينغ (وسط السويد) التي تبعد عنها 800 كيلومتر، علما أن حوالى عشرين كيلومترا يفصلها عن أقرب محرقة، وتنتقد الشركات النروجية نظيراتها السويدية، متهمة إياها بممارسة "الإغراق" وبحرمها من تطوير قطاعها الذي لا يزال في بدايته والتأثير سلبا على شبكة التدفئة المراعية للبيئة في المدن، ويؤكد أود تيرجي دوفيك مدير محرقة ريتوركرافت (جنوب النروج) أن "معالجة النفايات هي "أرخص في السويد ... وأنه على محطات الحرق النروجية أن تستورد نفايات من بريطانيا"، لكن هذه التنقلات المتواصلة بين البلدين تؤثر على البيئة.

ويحاول السويديون الحد من هذه الآثار قدر المستطاع. ويقول واين ويكفيست إن "أبحاثا كثيرة أجريت عن هذا الموضوع خلصت إلى أن آثار النقل بحد ذاته هي جد محدودة، خصوصا عند مقارنتها بالمنافع التي نجنيها من سحب النفايات من بلد كانت سترمى فيه في مكبات مفتوحة. وهي أيضا تحل محل الفحم والغاز الطبيعي عند استخدامها كمحروقات"، وتولد ثلاثة أطنان من النفايات طاقة توازي تلك المتأتية من طن نفط وطنين من الفحم، بحسب شركة "أففال سفيريغ"، وقد تراجع معدل إعادة تدوير النفايات المنزلية في النروج من 44 % قبل ست سنوات إلى 37 % العام الماضي، ويلفت أود تيرجي دوفيك إلى أن "المنافع البيئية كانت ستكون أكبر بكثير، إذا استوردت المراكز السويدية النفايات من أوروبا الشرقية حيث الحل الوحيد هو تخزين النفايات في المكبات"، ويؤكد هيلج زيولكوفسكي أحد المسؤولين في الوكالة السويدية لحماية البيئة أن "الكثير من النفايات يهدر في أوروبا".

جزيرة كورسيكا تغرق في النفايات

في حين تعاني جزيرة كورسيكا الفرنسية في البحر الابيض المتوسط من ازمة تراكم للنفايات مردها الى الانفجار السكاني ويفاقمها تدفق السياح، وباتت مستوعبات النفايات ممتلئة عن آخرها، والبقايا ملقاة في الشارع وعلى الشواطئ، بحيث لم تعد هذه الجزيرة الجميلة كما عهدها سكانها وزوارها من قبل، واضافة الى النمو السكاني المطرد الناتج عن انتقال اربعة الاف شخص سنويا للاقامة في الجزيرة الفرنسية البالغ عدد سكانها 310 الاف نسمة، تساهم عوامل اخرى مثل ضعف البنى التحتية، وتضاعف ورشات البناء وما تلقيه من نفايات، والميل الاستهلاكي المتنامي لدى السكان، في تردي الحال اكثر فأكثر.

وتبذل السلطات المحلية في مناطق الجزيرة جهودا لتطوير عمليات فرز النفايات، لكن هذه الجهود ينبغي ان يواكبها تقدم في الحس المدني، اما زيادة عدد المقيمين في الجزيرة اضعافا مضاعفة خلال الصيف مع تدفق ملايين السياح، فهو يزيد الامور تعقيدا، كثيرا ما يصاب سكان الجزيرة او زائروها بالدهشة لرؤيتهم مكبا للنفايات ومخلفات ورشات البناء وهياكل السيارات في مواقع طبيعية خلابة. بحسب فرانس برس.

لكن بعض السياح يساهمون بشكل مباشر في الازمة، اذ انهم يشعرون بنوع من الحرية بما يتيح لهم ان يفعلوا هنا ما لا يفعلونه في بلادهم، بحسب ميشال اكافيرا المسؤول عن المحمية الطبيعية في كورسيكا، ويقول ان عددا من السياح الاجانب تعرضوا للتوبيخ خلال الصيف الماضي لانهم تركوا نفاياتهم في مواقع كانوا يتنزهون فيه بين الجبال، ويقصدها الاف الزوار، ومن الشائع ان يصادف المرء اكياسا بلاستيكية ونفايات ملقاة على الشاطئ او في الجبال، في مناطق كان يتنزه فيها سياح اجانب، وقد اصبحت بعض محطات معالجة النفايات تعمل بأقصى طاقتها، فرفضت بالتالي ان تستقبل نفايات من مناطق اخرى، الامر الذي دعا وزيرة البيئة الفرنسية سيغولين رويال آخر اب/اغسطس الى توجيه نداء للتحرك ومعالجة هذه الازمة "الخطيرة في كورسيكا"، وقالت "يمكننا ان نقلص كمية النفايات من المصدر الى النصف، وهذه مسؤولية الجميع"، واعربت عن اسفها لضعف النتائج من المعالجة الآلية للنفايات والفرز، وتحدثت عن امكانية انشاء وحدات معالجة نفايات في استثناء لما ينص عليه قانون حماية الشاطئ، الا ان ذلك لم يلق استحسان المنظمات البيئية، رغم ان الوزيرة شددت على ان هذه الاستثناءات ستكون محدودة جدا، وفي ظل هذا الواقع، يظهر بعض بصيص الامل من التجارب المنفذة على المستويات المحلية، فقرية غيرولاتا الواقعة على الساحل الغربي للجزيرة، باتت تدور 80 % من نفاياتها بفضل الفرز من المصدر، ولا تضطر الى طمر اكثر من 20 %، اي ان النسب في هذه القرية معاكسة تماما للنسب في سائر ارجاء الجزيرة.

ويقصد هذه القرية الصغيرة مئات الالاف من السياح في كل صيف، ويقول رئيس بلديتها فرانسوا الفونسي "ان عدم وجود طريق بري للقرية، واضطرارنا لاستخدام المروحيات او البحر للانتقال منها واليها، دفع السكان الى البحث عن حل محلي لمعالجة النفايات"، فمنذ سنوات تفرز القرية الزجاج والمعادن والبلاستيك عن النفايات العضوية، وهي باتت مثالا يحتذى به لسائر مناطق كورسيكا.

شيكاجو مهددة بدفع رسوم لجمع القمامة

على صعيد ذي صلة، بعد أن نعم ملاك المنازل في شيكاجو على مدى أجيال بخدمة جمع القمامة مجانا سيتعين عليهم دفع 9.50 دولار شهريا مقابل التخلص من نفاياتهم وفق خطة يعتزم رئيس البلدية رام إيمانويل تقديمها الاسبوع القادم، وستطبق رسوم جمع القمامة التي تفرض لأول مرة بالمدينة -وتضاف على فاتورة المياه- على أكثر من 613 ألفا من ملاك المنازل بدءا من أول يناير كانون الثاني. ومن المتوقع أن تحقق عائدا ماليا بنحو 70 مليون دولار في مقابل عجز بميزانية المدينة يبلغ 745 مليون دولار.

ورسوم جمع القمامة -في حال اقرار مجلس مدينة شيكاجو لها- ستجعل نيويورك وبوسطن أكبر مدينتين أمريكيتين لا تطبقان أي رسوم على جمع قمامة السكان، وقيمة الرسوم التي اقترحها إيمانويل تقل عن مثيلاتها المفروضة على سكان لوس أنجليس وأتلانتا وسياتل وعدة ضواح تابعة لشيكاجو بحسب ما جاء في وثيقة تلخص المقترح الذي وزع على أعضاء المجلس المحلي في شيكاجو واطلعت عليه رويترز.

ويحمل مقترح رئيس البلدية ردعا للمتأخرين أو الممتنعين عن الدفع. وستقوم السلطات المحلية بقطع المياه عنهم مع الاستمرار في رفع القمامة حفاظا على الصحة العامة، ومن المتوقع أن يقدم مقترح إيمانويل بشأن رسوم جمع القمامة مع مقترح اخر بزيادة قدرها 500 مليون دولار في الضرائب على الممتلكات ضمن ميزانية المدينة المقترحة لعام 2016، ويمثل هذا الارتفاع في الضرائب زيادة بنسبة 62 بالمئة عن الضريبة المطبقة حاليا بالمدينة، وستطبق رسوم جمع القمامة على منازل العائلة الواحدة وتلك التي تضم وحدتين سكنيتين أو ثلاثة أو أربعة. ووفق القانون الحالي للمدينة يتعين على الذين يعيشون في عقارات كبيرة أو متعددة الطوابق تضم أكثر من أربع وحدات سكنية التعاقد مع شركة خاصة لرفع القمامة.

كينشاسا تغرق تحت اكوام القمامة

من جانب آخر، تنبعث روائح نتنة في اجواء حي غومبي الراقي في شمال كينشاسا عاصمة الكونغو الديموقراطية حيث تتراكم القمامة في الشوارع لتلامس المنازل، معتمرا قبعة زرقاء ومنتعلا حذاء كبيرا يغطيه الوحل، يفرغ الجد مبوتو محتوى عربة يدوية كلها قمامة المنزلية. فمنذ أسابيع عدة توقفت عمليات نقل النفايات من مركز التخزين الموقت هذا وحوالى ستين موقعا آخر الى وجهتها النهائية في مركز طمر النفايات في مباسا في ضاحية كينشاسا الشرقية.

الوضع كان طبيعيا حتى شهر آب/اغسطس. فقد بدأت المشاكل بالظهور في أيلول/سبتمبر بعد ان نقل الاتحاد الاوروبي الى السلطات المحلية مهمة ادارة البرنامج الخاص بشبكات الصرف الصحي الحضرية في كينشاسا الذي اطلق سنة 2008 ويغطي حاليا تسعا من المناطق الـ24 في كينشاسا المدينة الكبرى البالغ عدد سكانها حوالى عشرة ملايين نسمة، وعند استقلال الكونغو سنة 1960، كانت كينشاسا من بين اجمل مدن القارة الافريقية اذ كانت تلقب بـ"كين الجميلة"، لكن في تسعينات القرن الماضي، بعد سنوات من إهمال السلطات، بدأ السكان يطلقون على العاصمة لقب "كين مكب القمامة" إذ من شبه المستحيل الافلات من روائح النفايات المنبعثة في شوارع المدينة، ومنذ بضعة اسابيع، أخذ مشهد مكبات النفايات العشوائية أبعادا غير مسبوقة. فقرب معهد الفنون الجميلة في العاصمة، تحيط أفواج من الذباب بالأكوام الضخمة من الكمامة التي تنهشها طيور طلبا للطعام. بحسب فرانس برس.

ويتنقل مبوتو بحذر خشية الدوس على الجرذان الضخمة التي اختارت العيش في جبل النفايات المتراكمة في الموقع، أما المارة، فيسدون الأنف لدى مرورهم ويهرولون للهرب من المكب العشوائي تحت زخات المطر أو ينسابون بين السيارات التي يحرص اصحابها على اقفال نوافذها لدى المرور بجانب الموقع.

شاب مصري يحول النفايات إلى ذهب

على صعيد مختلف، يحقق الشاب المصري مصطفى حمدان دخلا جيدا من تحويل النفايات إلى ذهب، لكن نجاحه هذا لم يأت دون عراقيل، وحمدان ، 25 عاما هو مؤسس شركة "ريسيكلوبيكيا" المصرية، إحدى أولى شركات إعادة تدوير النفايات الإلكترونية في الشرق الأوسط.

وأنشأ الشاب المصري شركته منذ خمس سنوات في مرآب منزل والديه في مدينة طنطا، 90 كيلومترا شمالي العاصمة القاهرة، وفي الوقت نفسه، كان حمدان يدرس في كلية الهندسة، واشترك مع 19 طالبا من الجامعة في مسابقة للأعمال الحرة أطلق عليها اسم "إنجاز"، وبلغت قيمة الجائزة المقررة للفائز بالمسابقة 10 آلاف دولار للمساهمة في تطوير فكرتهم الوليدة، وتعين على حمدان التفكير سريعا في اقتراح شركته الخاصة، فجاءته الفكرة من التليفزيون، ويقول مصطفى: "كنت أشاهد فيلما وثائقيا عن إعادة تدوير النفايات الإلكترونية، وأدركت أن هناك كثيرا من الإمكانات في استخلاص المعادن من اللوحات الرئيسية لأجهزة الكمبيوتر (مذر بورد)- الذهب والفضة والنحاس والبلاتينيوم"، ويضيف: "كانت صناعة مزدهرة في أوروبا والولايات المتحدة، لكن، لم يكن يزاولها أحد في الشرق الأوسط"، وفي اللحظة التي تبلورت فيها فكرة ريسيكلوبيكيا عزم حمدان على الفوز بالمسابقة.

واقتبس اسم الشركة من الكلمتين العربيتين في الثقافة المصرية "روبا بيكيا"، وتعني "الأشياء القديمة"، وعادة ما تُسمع في شوارع القاهرة عندما ينادي بها مشترو الأشياء القديمة لشراء الأدوات المنزلية المهملة، واليوم، يعمل في شركة حمدان 20 شخصا في أربعة مخازن، ويبيع رجل الأعمال الشاب نفايات إلكترونية بقيمة 2.4 ملايين دولار سنويا.

وعلى مدار أعوام، استطاع حمدان التغلب على بعض العراقيل، من بينها عدم قدرته على الإيفاء بتوفير الطلبيات، والتوسع الزائد، وتداعيات الاضطرابات السياسية والاجتماعية في مصر منذ اندلاع الربيع العربي.

وشرع حمدان في نشاطه عام 2011، وقت اندلاع موجات الربيع العربي، وبدأ ذلك بالترويج لتجارته بنشر إعلان في قسم الشركات بموقع التجارة الإلكترونية الشهير علي بابا، وجاء أول أمر توريد لريسيكلوبيكيا عندما طلب مشتر في هونغ كونغ 10 أطنان من نفايات الأقراص الصلبة (هارد ديسك)، ويقول حمدان: "في ذلك الوقت، لم أكن أعلم حتى من أين سأجمع مثل هذه الكمية".

حمدان سافر من "مدينة الزبالين" بالقاهرة إلى هونغ كونغ لفهم آليات إعادة تدوير النفايات.

ولإيجاد نفايات يمكن إعادة تدويرها، انتقل حمدان إلى القاهرة، حيث يعيش 17 مليون شخص يخلفون 15 طنا من القمامة يوميا، وتجرى إدارة غالبية القمامة من خلال نظام غير رسمي يعتمد على "الزبالين" (جامعي القمامة)، وهم جماعة تقوم بقمع القمامة. ويفرز الزبالون مكونات القمامة فرزا دقيقا ثم بيع مكوناتها من البلاستيك والورق والمعدن.

لكن "الزبالين" لا يجمعون النفايات الإلكترونية، مثل أجهزة الكمبيوترالقديمة أو الطابعات، وبدلا من ذلك، اضطرت ريسيكلوبيكيا لجمع مثل هذه المنتجات من الشركات، وكي يفي حمدان بأولى طلبيات شركته المطلوب إرسالها إلى هونغ كونغ، أدرك أنه بحاجة إلى جمع 15 ألف دولار، لكن هذا كان قبل فوزه بجائزة مسابقة إنجاز، وبدلا من انتظار قيمة الجائزة، نجح حمدان في إقناع أستاذ جامعي لإقراضه المال مقابل 40 في المئة من أرباح صفقته الأولى، وذلك لتأمين المال الضروري، وبعد أشهر تمت أولى شحنات الصفقة.

وساعد الفوز بجائزة مسابقة الأعمال الحرة ريسيكلوبيكيا في تأمين الاستثمار لتوسيع الشركة، والحصول على 120 ألف دولار من مستثمرين شهيرين بالقطاع الخاص المصري: خالد إسماعيل وحسين الشيخ، اللذان يشغلان الآن مقعدين في مجلس إدارة الشركة.

لكن الشركة تعرضت لبعض العراقيل في البداية، يدير حمدان أربعة مخازن في أنحاء مصر، حيث يجمع فيها النفايات الإلكترونية من الشركات صديقة البيئة التي يعمل معها، ولذلك، سافر إلى هونغ كونغ لدراسة نشاط شركات إعادة تدوير النفايات في المنطقة الصينية، وجعلت هذه الرحلة إسماعيل يدرك أن عليه تغيير طبيعة ريسيكلوبيكيا.

وفي ذلك الوقت، كان من السهل جمع المواد الإلكترونية القديمة وشحنها إلى المشتري في هونغ كونغ، وستقوم الشركة الصينية بتكسيرها إلى أجزاء وفصل عناصرها، ثم بيعها إلى شركات أخرى قامت بصهرها واستخلاص عناصر على حدة، وأدرك حمدان أن ريسيكلوبيكيا يمكن أن تجني أموالا أكثر إذا توقفت عن القيام بدور الوسيط والاضطلاع بدلا من ذلك بكل أعمال التفكيك بنفسها، وهو ما يمكنها من تلقي أسعار أفضل للنفايات التي جرى فصلها وفرزها بالفعل، وأنهى حمدان صفقة هونغ هونغ، ووقَع عقدا مع شركة تفكيك ألمانية، وأدى هذا إلى كذلك تخفيض تكاليف الشحن لدى ريسيكلوبيكيا.

اضف تعليق