q

ذكر أمين عام أوبك محمد باركيندو إن المنظمة تريد مزيدا من الانخفاض في مخزونات النفط وتعمل على أن يتم التوصل إلى توافق في اجتماع وضع السياسة في مايو أيار وذلك في تعليقات تشير إلى تمديد اتفاقية عالمية لخفض الإنتاج، واتفقت أوبك ومنتجون آخرون من بينهم روسيا على خفض الإنتاج بنحو 1.8 مليون برميل يوميا لمدة ستة أشهر بدأت في الأول من يناير كانون الثاني لدعم السوق.

وتلقت أسعار النفط دعما من الاتفاقية لكن تخمة المعروض العالمي تتبدد ببطء وهو ما يحد من مكاسبها. وبناء على ذلك، ألمح أعضاء في أوبك من بينهم السعودية، أكبر بلد مصدر للخام في العالم، إلى أنهم سيؤيدون تمديد الاتفاقية في اجتماع المنظمة في 25 مايو أيار، وذكر باركيندو ومسؤولون آخرون من دول أوبك في مؤتمر في باريس إن سوق النفط تتحرك صوب التوازن بين العرض والطلب بمساعدة الاتفاقية.

وأضاف باركيندو على الرغم من أن السوق تتجه نحو التوازن كما هو واضح والاستثمارات تعود لا سيما في المشروعات السريعة فمن المهم ألا نحيد عن أهدافنا المرجوة، وتابع "نحن على ثقة من أن الجهد المشترك من جانب الوزير الفالح ووزراء آخرين.. سييسر في نهاية المطاف الوصول إلى نتيجة ناجحة لاجتماع فيينا في الخامس والعشرين" من مايو.

وأيد وزيرا نفط العراق وأنجولا عضوي أوبك والرئيس التنفيذي لأرامكو السعودية آراء باركيندو خلال نفس المؤتمر، وبين وزير النفط العراقي جبار اللعيبي إن خفض الإنتاج يؤدي تدريجيا إلى توازن السوق الذي طال انتظاره.

إنتاج النفط الروسي قد يزيد في حالة عدم تمديد الاتفاق مع أوبك

تفيد تصريحات لمسؤولين روس وتفاصيل خطط استثمارية أعلنتها شركات للنفط أن إنتاج الخام الروسي قد يرتفع إلى أعلى معدلاته في 30 عاما إذا لم تمدد منظمة أوبك والمنتجون خارجها اتفاقا لخفض المعروض بعد 30 يونيو حزيران، وكانت منظمة البلدان المصدرة للبترول وروسيا ومنتجون آخرون غير أعضاء في المنظمة قد تعهدوا بخفض الإنتاج 1.8 مليون برميل يوميا في النصف الأول من 2017.

وفي ظل استمرار تخمة المخزونات العالمية، يظهر المنتجون الخليجيون وغيرهم استعدادا متناميا لتمديد الاتفاق حتى نهاية 2017. وأشارت السعودية والكويت الأسبوع الماضي إلى استعدادهما لتمديد تخفيضات الإنتاج، وحتى الآن لم تعلن روسيا، التي تساهم بخفض قدره 300 ألف برميل يوميا، ما إذا كانت تريد تمديد التخفيضات لما بعد يونيو حزيران لكن موسكو كانت ممثلة في لجنة لمراقبة الاتفاق أوصت بتمديده.

لكن مسؤولين روسا أشاروا أيضا إلى أن شركات النفط المحلية مستعدة لزيادة الإنتاج فور انتهاء الاتفاق، وذكر وزير الطاقة ألكسندر نوفاك أن الإنتاج قد يصل إلى ما بين 548 و551 مليون طن سنويا في 2017 بما يعادل 11.01 مليون إلى 11.07 مليون برميل يوميا وهو ما سيكون أعلى متوسط منذ 1987، وفي 2016 أنتجت روسيا حوالي 547.5 مليون طن أو 10.96 مليون برميل يوميا في المتوسط، وبموجب الاتفاق مع أوبك تخفض روسيا الإنتاج إلى 10.947 مليون برميل يوميا من 11.247 مليون برميل يوميا وهو المستوى الذي بلغته في أكتوبر تشرين الأول 2016 والذي كان الأعلى بعد الحقبة السوفيتية.

ولم تذكر روسيا علنا أنها ترغب في تمديد التخفيضات لكن نوفاك بين إنه سيجتمع مع شركات النفط الروسية هذا الشهر لمناقشة الأمر. وأضاف أن التمديد سيكون محل نقاش مع أوبك في 24 مايو أيار، وفي غياب التمديد يتوقع أندريه بوليشتشيوك المحلل لدى بنك رايفايزن أن يزيد الإنتاج الروسي حوالي 2 بالمئة في النصف الثاني من 2017 إلى ذروة تبلغ حوالي 11 مليون برميل يوميا، وترى روسنفت، أكبر منتج روسي للنفط، إنها تعتزم زيادة الإنتاج هذا العام بفضل حقول نفط استحوذت عليها حديثا من بينها مجموعة حقول كوندانفت في غرب سيبيريا معقل الإنتاج الروسي.

واستهدفت الشركة زيادة الإنتاج السنوي 2 بالمئة في 2015-2017. وبدون أي استحواذات فإن ذلك سيدفع إنتاج 2017 إلى أكثر من 214 مليون طن أو 4.3 مليون برميل يوميا، وأفادت لوك أويل، ثاني أكبر منتج روسي، إنها تتوقع زيادة إنتاج النفط زيادة طفيفة في حالة عدم تمديد الاتفاق العالمي وقد تعود بالإنتاج إلى مستوى ما قبل الاتفاق في غضون ثلاثة أشهر إلى أربعة.

وذكرت تاتنفت، وهي منتج روسي متوسط الحجم، إنها تتوقع زيادة إنتاج 2017 بمقدار 0.5 مليون طن سنويا أو حوالي عشرة آلاف برميل يوميا في حالة عدم تمديد اتفاق الإنتاج العالمي.

تخفيضات إنتاج أوبك تعزز شهية آسيا لنفط بحر الشمال

تسببت تخفيضات انتاج النفط التي تقودها أوبك في ارتفاع الطلب الآسيوي على النفط الأوروبي إلى مستوى قياسي وجعلت من الصين ثاني أكبر مستهلك لخام بحر الشمال مع هبوط الإمدادات المعتادة التي تتلقاها من موردي الشرق الأوسط، ومما يدعم الإقبال الآسيوي المتزايد على خام بحر الشمال في الأساس هبوط العلاوة السعرية لخام بحر الشمال فوق نفط الشرق الأوسط المنافس وقد يستمر هذا الطلب بعد انتهاء تخفيضات إمدادات أوبك إذا ظل التسعير مواتيا.

وتظهر البيانات أن الصين استوردت نحو 38 مليون برميل من خام بحر الشمال منذ بداية العام حتى أواخر أبريل نيسان مقارنة مع نحو ثمانية ملايين برميل في نفس الفترة من 2016، وفي الوقت الحالي تأتي الصين بعد بريطانيا، أكبر مستهلك لخام بحر الشمال، والتي اشترت 49.7 مليون برميل بحلول أواخر أبريل نيسان الحالي. وفي الفترة بين يناير كانون الثاني وأبريل نيسان 2016 جاءت الصين في المرتبة السابعة.

واتفقت منظمة البلدان المصدرة للبترول وروسيا ومنتجون آخرون غير أعضاء في أوبك على خفض الإنتاج 1.8 مليون برميل يوميا في النصف الأول من 2017 لرفع الأسعار وتقليص المخزونات العالمية، لكن مع استمرار تخمة المخزونات، يقول منتجو الخليج وغيرهم إنه يجب تمديد التخفيضات إلى ديسمبر كانون الأول ليعطوا المشترين الآسيويين حافزا إضافيا للتطلع إلى إمدادات من غير مورديهم التقليديين.

وأفاد جيمس ديفيس المحلل لدى إف.جي.إي "في شرق السويس (آسيا) يبدو أن الفجوة في ميزان العرض والطلب على الخام ستتقلص تدريجيا صوب نهاية 2017، وأضاف على جانب المعروض، نعتقد أن الحاجة ستدعو لتدفق الخام إلى آسيا من بحر الشمال، ومع رفضها التخلي عن حصتها السوقية لصالح منتجي النفط الصخري الأمريكي، أبقت دول أوبك على أسعارها الرسمية للبيع منخفضة وتستخدم مخزوناتها من الخام للمحافظة على إمدادات عملاءها، لكنها تعتزم خفض إنتاج الخامات المتوسطة والمرتفعة الكبريت الأرخص سعرا، مع الإبقاء على تدفقات النفط الخفيف المنخفض الكبريت الذي عادة ما يباع بسعر أكبر.

ومع وجود كميات أقل من تلك الخامات المتوسطة في السوق ارتفعت أسعار ذلك النفط، مما دفع العلاوة التي تدفع عادة لنفط بحر الشمال إلى أدني مستوياتها منذ عام 2010، وانخفضت علاوة خام برنت، المستخرج من بحر الشمال ويرتبط به الكثير من الخامات الخفيفة في العالم، فوق خام دبي القياسي دون 50 سنتا للبرميل من 2.50 دولار في أواخر نوفمبر تشرين الثاني حين أعلنت أوبك عن تخفيضاتها. ويشكل خام دبي أساسا للخامات المتوسطة والثقيلة الشائعة في الشرق الأوسط.

وتظهر بيانات جمركية صينية أن تكلفة استيراد نفط بحر الشمال كانت أفضل في مارس آذار، حيث بلغت تكلفة استيراد برميل الخام البريطاني 56.70 دولار مقارنة مع 57.80 دولار لبرميل النفط الإماراتي، رغم أن الإمارات العربية المتحدة أقرب للصين من ساحل بحر الشمال في اسكتلندا بواقع 8000 ميل، وتشجع عوامل أخرى المستهلكين الآسيويين على تدبير إمدادات جديدة. وتقلص إنتاج النفط الصيني بسبب ضعف أسعار الخام في الوقت الذي تتوسع فيه المصافي في أكبر سوق للسيارات في العالم، وستزيد طاقة التكرير الآسيوية بصافي 450 ألف برميل يوميا في 2017، بارتفاع 1.5 في المئة عن إجمالي الطاقة العاملة في آسيا في الوقت الحالي البالغ نحو 29 مليون برميل يوميا.

الامين العام لاوبك متفائل بتعافي السوق في ظل خفض الانتاج

اعرب الامين العام لمنظمة الدولة المصدرة للنفط (اوبك) محمد باركيندو في ابوظبي عن تفاؤله حيال "تعافي" سوق النفط في ظل اتفاق خفض الانتاج قبل اسابيع قليلة من انتهاء مدته، وذكر باركيندو خلال اعمال مؤتمر "ملتقى الاعلام البترولي" في عاصمة دولة الامارات العربية المتحدة "نحن متفائلون بان الاجراءات التي اتخذناها تضعنا على طريق تعافي" السوق.

واضاف ان الاتفاق وضع الدول النفطية "في موقع المتحكم" بدل الاكتفاء "بالتفاعل مع تطورات السوق"، وكانت أسعار النفط التي تأثرت بفائض العرض في الأسواق، انخفضت من اكثر من 100 دولار للبرميل في حزيران/يونيو 2014 الى نحو 30 دولارا بداية العام 2016، ما دفع العديد من الدول النفطية وبينها دول الخليج الى اعتماد اجراءات تقشفية قاسية.

وفي مسعى لاعادة التوازن الى الأسعار، اتفقت دول اوبك في تشرين الثاني/نوفمبر على خفض الانتاج بنحو 1,2 مليون برميل يوميا ابتداء من الاول من كانون الثاني/يناير، بينما وافقت الدول المنتجة خارج المنظمة على خفض الانتاج بنحو 558 الف برميل، وتأمل هذه الدول في ان يسفر خفض الانتاج 1,8 مليون برميل يوميا الذي من المفترض ان يستمر لمدة ستة اشهر في فترة أولى مع امكانية تمديده، في تقليص تخمة الامدادات ورفع الاسعار.

وتجنب باركيندو ابداء موقف من امكانية تمديد الاتفاق لفترة اضافية، الامر الذي سيناقشه وزراء النفط في الدول المعنية بالاتفاق في ايار/مايو المقبل في فيينا. وأضاف ان هذه الدول "ستتخذ قرارا يصب في مصلحة المنتجين والمستهلكين معا"، وفي اذار/مارس، اعلنت لجنة مراقبة تطبيق اتفاق خفض انتاج النفط ان نسبة التزام الدول المنتجة بالاتفاق ارتفعت، مؤكدة مجددا انها تدرس تمديد الاتفاق لستة اشهر اخرى بعيد انتهائه.

وراى وزير الطاقة الاماراتي سهيل المزروعي خلال مشاركته في اعمال المؤتمر في ابوظبي انه "من المبكر اتخاذ قرار" في هذا الشأن، موضحا ان "السوق يشهد عملية تصحيحية، وحتى الان لم نشهد تذبذبا كبيرا وهو امر جيد". وتابع "نريد استقرار السوق".

نجاح أوبك في التخفيض يعيد الاسعار الى وضعها

أظهر تقرير لمركز "الشال للدراسات الاقتصادية" أنّ تخفيض انتاج النفط العالمي بنسبة 2 % فقط قد يؤدي الى ارتفاع الأسعار بين 50 % و100 % وفقا للسرعة في امتصاص الفائض، لكن التقرير اعتبر أنّ الأسواق لم تعد تعتقد بجدوى خطابات استعراض القوة لبعض الدول المنتجة، ولا يبدو أنها تعي أهمية وخطورة عامل الزمن على مستقبلها، فتكاليفه لا يمكن تعويضها.

وبين التقرير: "ان استمرار سوق النفط بهذا المستوى المتدهور، لا يعني فقط فقدان وفورات مالية لعقد من الزمن، وكل من روسيا والسعودية فقدتا 140 مليار دولار و100 مليار دولار على التوالي حتى الآن، وانما يزيد بشدة من احتمالات تعرض السلام الاجتماعي والسياسي الداخلي لمخاطر حقيقية، والفارق بينها حتى حدوث الأسوأ، هو في التوقيت وليس في النتيجة".

ولفت التقرير إلى أن انتاج النفط العالمي في نهاية كانون الأول(ديسمبر) 2014 وفقا لنشرة "أوبك" لشهر شباط (فبراير) الحالي بلغ نحو 93.440 مليون برميل يوميا، ومع نهاية شهر كانون الأول (ديسمبر) 2015، بلغ نحو 95.610 مليون برميل يوميا؛ أي زاد الانتاج العالمي بنحو 2.170 مليون برميل يوميا، نصيب العراق من تلك الزيادة بلغ 692 ألف برميل يوميا، ونصيب روسيا منها بلغ 240 ألف برميل يوميا، ونصيب السعودية منها بلغ 457 ألف برميل يوميا، بمجموع بلغ نحو 64 % من كل الزيادة في الانتاج.

وأشار التقرير إلى أن السوق استجاب ايجابا لاتفاق الدوحة الأخير بتجميد الانتاج، وارتفعت أسعار النفط مؤقتا، ولكنها ما لبثت أن هبطت وعادت إلى مستويات ما قبل الاتفاق، وحدث ذلك بعد وقت قصير من تحليل لمدى جدية الاتفاق وجدواه، ورأى التقرير أنّ الاتفاق لن يؤدي الى امتصاص فائض فعلي عند مستوى انتاج شهر كانون الثاني (يناير) 2016، "وما دام هناك فائض، فالنتيجة هي استمرار الأسعار هابطة، وقد تهبط بشكل أكبر، ان بدأت تصريحات توحي بعدم الالتزام بالتجميد"، وذكر التقرير: "لأن تاريخ أوبك فاقد للصدقية بين أعضائها، قليلا ما تأخذ اتفاقاتها على محمل الجد، لذلك احتاجت في أزمتي 1986 و1998 الى تدخل وضغط أميركي لضمان التزام أعضائها وبعض المنتجين خارجها".

وبحسب التقرير هناك ثلاثة عوامل ايجابية لا بد من أخذها في الاعتبار:

الأول والأهم هو جلوس الروس والفنزويليين والسعوديين على طاولة مفاوضات حول سوق النفط، والروس والفنزويليون على تواصل وتوافق مع ايران والعراق، وذلك مؤشر مريح على أن احتمال تكرار الجلوس وربما التوافق على امتصاص فائض المعروض بات أكثر احتمالا، ومؤشرا مريحا أيضا على أن احتمالات خفوت الصدامات المسلحة المباشرة وغير المباشرة بات أيضا أكبر احتمالا، والاثنان قد يدعمان أسعار النفط في المستقبل.

الثاني هو أن مرور سنة ونصف السنة على أزمة سوق النفط، جعلها تضغط بتكاليفها الباهظة على كل المنتجين، وبدون استثناء، وتخفيض التصنيف الائتماني لثلاث دول في الخليج الأسبوع قبل الفائت، وهي دول ظاهرا مليئة ماليا، مؤشر على سرعة وعمق تأثير تدهور أوضاع سوق النفط عليها بما يدفع كل المنتجين الى تحسس ظلام مستقبلهم.

والعامل الثالث هو في الظلال القاتمة التي بدأ تدهور سوق النفط بإلقائها على مستقبل أداء الاقتصاد العالمي؛ حيث أصبحت كل الدول المستهلكة تواجه مخاطرها، مثل الصين واليابان في الشرق، وأوروبا والولايات المتحدة الأميركية في الغرب، مما وحد جهود المطالبة بعلاج أوضاع السوق النفطي ما بين المنتجين والمستهلكين.

اضف تعليق