q

سيعرف الشاب الفلسطيني فارس أبو ميالة قريبا نتيجة اختباراته النهائية للمدرسة الثانوية التي أجاب خلالها عن أسئلة عن الآباء المؤسسين لإسرائيل وتاريخ الصهيونية، واختار فارس (18 عاما) دراسة المنهج الإسرائيلي بدلا من نظيره الفلسطيني على أمل أن يفتح له ذلك مزيدا من الأبواب في كليات إسرائيلية ويساعده في العمل هناك.

وقال فارس الذي يقيم ويدرس في القدس الشرقية المحتلة "أعرف أنه الاحتلال، لكن فلسطين أو إسرائيل .. أنا لا آبه لذلك. أريد فقط أن ألتحق بالجامعة"، وتأمل إسرائيل في أن يحذو الكثير من الفلسطينيين حذوه بعدما عرضت تمويلا إضافيا لمدارس فلسطينية في القدس الشرقية إذا وافقت على تدريس المنهج الإسرائيلي. بحسب رويترز.

وتقول إسرائيل إن الهدف هو مساعدة الشباب الفلسطينيين على اكتساب المؤهلات التي يحتاجونها للعثور على عمل في إسرائيل بسهولة أكبر. كما يعطي ذلك إسرائيل فرصة لإبعاد بعض الفلسطينيين عن منهج تقول إنه حافل بمعاداة السامية والتحريض، والقضية ذات مغزى كبير بالنسبة للإدارات المدرسية وللآباء وللطلبة إذ تحتاج الكثير من المدارس الفلسطينية بشدة إلى التمويل لكن كثيرا من الفلسطينيين يعتبرون أن تبني برامج التعليم الإسرائيلية، بما يشمل مواد مثل التربية الوطنية والتاريخ الإسرائيلي، يعني تبني رواية العدو التاريخية للأحداث، وحتى الآن وافقت عشر مدارس عامة فلسطينية فقط في المدينة على التغيير المعروض منذ العام الماضي ويقتصر عدد دارسي البرامج التعليمية الإسرائيلية من التلاميذ الفلسطينيين على نحو خمسة آلاف طالب من أصل 110 آلاف في 185 مدرسة عامة وخاصة في القدس الشرقية، وقال معلم فلسطيني يُدرس مادة التربية الوطنية الإسرائيلية في مدرسة فلسطينية "الأمر ليس سهلا.. الأطفال يريدون التعلم عن شعبهم. أُدرس الكثير من الأمور التي لا أقتنع بها لكن لا خيار لدي"، ولا تستخدم المدارس نفس الكتب الدراسية لكن بين مناهج التعليم الفلسطينية والإسرائيلية اختلافات كبيرة بشأن عدد من الأحداث التاريخية. بحسب رويترز.

ووفقا للمناهج الإسرائيلية يتعلم الطلبة أن حرب عام 1948، وهو العام الذي نشأت فيه دولة إسرائيل، كانت معركة من أجل الاستقلال لدولة ستكون ملاذا لليهود بعد قرون من الاضطهاد، بينما تقول المناهج الفلسطينية إن ذلك التاريخ هو عام النكبة الذي فر فيه مئات الآلاف من الفلسطينيين أو طردوا من منازلهم خلال الحرب.

فجوات

طلب مدرسون وموظفون في مدارس بالقدس الشرقية تحدثوا مع رويترز عدم ذكر أسمائهم بسبب عدم التصريح لهم بإجراء مقابلات أو لخشيتهم على وظائفهم، وقال مدير مدرسة فلسطينية في القدس الشرقية رفضت تدريس المنهج الإسرائيلي إن السلطات عرضت زيادة ميزانيتهم السنوية لكل طالب إلى ثلاثة أمثالها من حوالي 500 شيقل (144 دولارا) إلى 1500 شيقل في حال الموافقة، وقال مدير فلسطيني آخر "عرضوا علي مزيدا من النقود لكني رفضت. أولياء الأمور هنا لا يريدونه (المنهج الإسرائيلي). هذه ليست روايتنا .. نريد تدريس الرواية الفلسطينية".

وقال وزير التعليم الإسرائيلي نفتالي بينيت، وهو أيضا زعيم حزب البيت اليهودي وهو حزب ديني قومي، إن البرنامج يهدف إلى تضييق الفجوة في التعليم والفقر والبطالة التي أثرت على 320 ألف فلسطيني في القدس لعقود.

وقال بينيت لرويترز "لدى شاب من القدس الشرقية حاصل على شهادة تعليم إسرائيلية فرصة أكبر بكثير للحصول على وظيفة. هدفنا هو تحفيز التقدم الاقتصادي-- لذلك نستخدم جزرة لا عصا"، ولم تقدم وزارة التعليم التفاصيل الكاملة بشأن الميزانية الإضافية والحوافز التي حصلت عليها تلك المدارس باستثناء التمويل للمعلمين وساعات التدريس الإضافية، وردا على سؤال عما إذا كان يمكن مضاعفة التمويل لثلاثة أمثاله للتلميذ بالمدارس التي تبنت المنهج الإسرائيلي قال مصدر بوزارة التعليم إن هذا "ممكن بالتأكيد" لكن عروض التمويل الإضافي تختلف من مدرسة لأخرى، وتقول رابطة الحقوق المدنية في إسرائيل وجماعات حقوقية أخرى إن البرنامج ينطوي على تمييز. وتقول إن المدارس الفلسطينية في القدس الشرقية تعاني نقص التمويل وإنه ينبغي للسلطات الإسرائيلية تمويل جميع مدارس المدينة على قدم المساواة.

وقالت نسرين عليان رئيسة برنامج القدس لدى رابطة الحقوق المدنية في إسرائيل "أهملت السلطات الإسرائيلية طوال سنوات نظام التعليم في القدس الشرقية"، وأضافت "رغم أنها المرة الأولى التي ترى فيها الحكومة والبلدية ضرورة لسد الفجوات في القدس الشرقية فإن البرنامج مصمم وفقا لأجندة سياسية"، ورفض وزير التعليم بينيت الانتقادات، وقال "لا أفرض شيئا على أحد. أقول فقط ‘اجعلوه متاحا‘".

وأضاف "أعتقد أن قوى السوق ستقوم بعملها. في نهاية المطاف سيقول أولياء الأمور لأبنائهم: ‘أريدكم أن تحصلوا على الشهادة الإسرائيلية حتى يتسنى لكم العثور على وظيفة في البرمجة وليس أعمال النظافة".

نقص الفصول الدراسية

تدرك السلطات الإسرائيلية أن الفجوات التعليمية تعمق الهوة بين القدس الشرقية- التي يريدها الفلسطينيون عاصمة لدولتهم المستقبلية- والقدس الغربية ذات الأغلبية اليهودية مما يصعب الحياة على الفلسطينيين.

ويتسرب أكثر من ثلث الأطفال الفلسطينيين في القدس من المدارس الثانوية مقارنة مع اثنين بالمئة فقط بين الإسرائيليين. ويعيش نحو 80 بالمئة من الفلسطينيين في المدينة تحت خط الفقر ولا يعمل سوى 40 في المئة فقط أغلبهم في وظائف بالدرجات الدنيا من سلم سوق العمل وذلك وفق بيانات للمكتب المركزي الإسرائيلي للإحصاءات.

ويقول المكتب إن معدل التوظيف الوطني الإسرائيلي يبلغ 64 بالمئة بينما يبلغ المعدل في القدس بين الإسرائيليين 58 بالمئة، وتظهر التماسات مقدمة للمحكمة العليا وتقارير لمنظمات حقوقية منها رابطة الحقوق المدنية في إسرائيل استمرار الفجوات بين المدارس الفلسطينية والإسرائيلية في القدس بما في ذلك في توزيع الموظفين وفي تمويل البرامج التعليمية.

وثمة نقص يبلغ 3800 فصل دراسي يؤثر بشكل غير متناسب على القطاعات الأفقر من الفلسطينيين واليهود المتدينين. واستأجرت البلدية وحدات سكنية في بعض المناطق لتوفير فصول أو قدمت أكشاكا متنقلة لاستخدامها كفصول.

وفي حي جبل المكبر في القدس الشرقية تقع مدرسة السواحرة الابتدائية بنين في مبنى سكني معدل من طابقين. ويتكدس التلاميذ في مجموعات تتكون غالبا من 25-30 تلميذا في ست فصول دراسية مساحة كل منها نحو 12 مترا مربعا كما أن المرافق سيئة.

وعندما يقرع الجرس في نهاية اليوم يتدفق نحو 150 تلميذا في زيهم الموحد الأزرق الفاتح عبر فناء صغير ضيق ليخرجوا من ممر جانبي إلى طريق غير ممهد تمتد على جانبيه حاويات قمامة تفيض بالنفايات، ويرى السكان تناقضا صارخا مع الوضع في الشوارع التي تلقى عناية جيدة في ضاحية أرمون هنتسيف الإسرائيلية على الجانب الآخر من الشارع.

وقال محمد عويسات وهو أب لستة أطفال من جبل المكبر ويعمل سائقا لحافلة مدرسية في القدس الغربية "أرى هناك مدارس طبيعية. إنهما عالمان مختلفين تماما"، ويقر نير بركات رئيس بلدية القدس بوجود فجوات فيما يتعلق بجودة المدارس، وقال لرويترز "لكننا نسعى لتدارك الوضع. حصلنا للتو على قرض بمليار شيقل (284 مليون دولار) لبناء 1000 فصل دراسي.. وسيكون نصفها في القدس الشرقية".

اضف تعليق