q
{ }

في الخامس عشر من شهر كانون الثاني/يناير الجاري عقد مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية في كربلاء المقدسة حلقته النقاشية الشهرية تحت عنوان: (الاقتصاد العراقي في عام 2017... تحديات وفرص)، وذلك على قاعة جمعية المودّة والازدهار، بمشاركة عدد من الأساتذة الجامعيين ومدراء مراكز البحوث والدراسات وعدد من الإعلاميين.

افتتح الحلقة النقاشية الدكتور حيدر آل طعمة الباحث في مركز الفرات، حيث قال "بعد عقود من عسكرة الاقتصاد وهدر الموارد استبشر العراقيون خيرا بسقوط النظام السابق، على امل نهاية سنوات عجاف والتمتع اخيرا بثروات البلد المتنوعة في اطار نظام ديمقراطي يكفل الحريات والحقوق، ويعيد الى جانب ذلك الرفاه الاقتصادي لكافة ابناء الشعب وتحسين مستويات الدخل وتعافي اسعار الصرف وتدفق النفط نحو الاسواق الدولية، كلها كانت اسباب معقولة لاستئناف عملية التنمية الاقتصادية، التي توقفت منذ اواخر عقد السبعينيات من القرن الماضي، الا ان تدهور اسعار النفط كشف بوضوح زيف خطط التنمية وجدد التساؤل، حول مدى نجاعة السياسات الاقتصادية في تحقيق الاستقرار والنمو الاقتصادي في العراق ما بعد (2003)، وعمق الاختلالات الهيكلية ونجاح الحكومة في هدر الموارد وضياع التنمية الاقتصادية المنشودة".

وللإجابة عن كل تلك الاستفسارات والتساؤلات المطروحة تمت استضافة الأستاذ الدكتور كامل علاوي استاذ الاقتصاد في جامعة الكوفة الذي قال: انه جاء "ليضع النقاط على الحروف حول حقيقة ان الاقتصاد العراقي يعاني من ارث متراكم من الحقبة الماضية؛ نتيجة التحول القسري الى اقتصاد السوق لذا فاغلب المشكلات التي يعاني منها الاقتصاد العراقي، هي ناتجة عن طبيعة التحول السياسي التي ادت الى خلخلة اركان النظام الاقتصادي، وايضا التحول من النظام المركزي المقيت الى نظام ما يدعى بنظام السوق الحر وما يستتبع ذلك من اجراءات للتحول، لكن الصورة الان مرتبكة للاقتصاد العراقي وهي لا تمت الى اقتصاد السوق بشيء لا من بعيد ولا من قريب، فبعد مرور اكثر من (13) عام وصدور الكثير من القوانين والتشريعات خاصة تلك التي تعنى بالاستثمار، لاسيما قانون الاستثمار رقم (13) لسنة (2006) وتعديلاته وحمايات المنتج والمستهلك، الا ان اقتصاد السوق والقطاع الخاص لم ينشط الا في مجال معين وهو المجال قطاع التجارة الخارجية، التي كان لها اثار غير محمود على الاقتصاد العراقي لأنها اغرقت السوق ببضائع رخيصة الثمن ورديئة النوعية، وهي اصبحت عبء على الاقتصاد العراقي، فعندما نتكلم عن التحديات التي تواجه الاقتصاد العراقي يجب ان ننطلق من مسالة اساسية تتعلق بفلسفة الاقتصاد العراقي وما هي طبيعة ذلك النظام؟، وهل يصنف ذلك على انه اقتصاد السوق او اقتصاد حر او اقتصاد اشتراكي او اقتصاد مركزي؟

 ولأجل الاحاطة بهذه الموضوعة أكثر لابد من مناقشة ادارة الاقتصاد ومن خلال ذلك نحن نحتاج الى استقراء التاريخ فبعد عام (1958) الاجراءات الاقتصادية كانت تذهب باتجاه الاقتصاد الاشتراكي، وبعد هذا التاريخ صدر قانون الاصلاح الزراعي وفي العام (1964) صدر قانون التأميمات، وهنا هي العلامة الفاصلة للاقتصاد العراقي والقطاع الخاص ولحد الان هو يعاني من هذه الازمة، التي شكلت ازمة ثقة بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص الذي انهار بشكل كبير خاصة على مستوى القطاع المصرفي، وان مشكلتنا الان تتمثل بعدم وجود قطاع مصرفي يواكب هذه التغيرات، في العام (1968) مثلا ورد في الدستور المؤقت هوية تحدد مسار الاقتصاد العراقي خاصة في المادة (12)، وهي تتحدث بما يلي (تتولى الدولة تخطيط وتوجيه وقيادة الاقتصاد الوطني بهدف اقامة النظام الاشتراكي. إذا طبيعة فلسفة النظام هي ملكية عامة اقتصاد اشتراكي، وهنا ايضا المأساة فالدولة تدخلت في الاقتصاد بكل مفاصله، والى ان وصلت الدولة حتى تكون صاحبة دكان او لديها محلات لبيع الخضروات، وبقي القطاع الخاص قطاع هامشي لا يسهم في العملية الاقتصادية الى جانب ذلك اصبحت الدولة مستقلة على المستوى المالي، ساعد هذا مسالة نمط الاقتصاد الريعي والطفرة النفطية الاولى في العام (1973) والحرب الاسرائيلية، وارتفعت الايرادات وأصبح البلد يناغم ما تتصرف به دول الخليج.

 ايضا عندما نأتي الى الملكية في العراق فالملكية على سبيل المثال هي اغلبها بيد الدولة، بعد (2003) وما شهده العراق من تحول سياسي ايضا اصبح هناك غياب وتشظي بالهوية الوطنية، ولم يكن هناك توافق بين التحولات السياسية والتحولات الاقتصادية وحتى الموازنة عندما تعد هي تشهد حالة صراع مناطقي وصراع سياسي، فعندما نريد ان نحدد هوية الاقتصاد العراقي من خلال الدستور الذي اقر في (2005)، هنالك اشارات خجولة لهوية الاقتصاد العراقي ولم يذكر الا في المادة(25) و(26)، المادة (25) تقول ( تكفل الدولة اصلاح الاقتصاد العراقي وفق اسس اقتصادية حديثة ومما يضمن استثمار كافة موارده وتنويع مصادره وتشجيع القطاع الخاص وتنميته)، ومن هنا جاءت التحليلات منصبة على كون الاقتصاد العراقي هو اقتصاد السوق، وهذا ليس بالشيء الضروري فبريطانيا على سبيل المثال ايام الازمة المالية اتجهت نحو التأميم، فالأسس الحديث مبهمة وغير واضحة، المادة (26) جاءت لتؤكد ( تكفل الدولة تشجيع الاستثمارات في القطاعات وينظم ذلك بقانون) وصدر ذلك بقانون رقم(13)، لذا نحن نحتاج الى الوضوح وان يكون للاقتصاد العراقي هوية محددة.

طبعا هذه المسالة ليست ببعيد عن التدخل الاجنبي وذلك باعتبار ان الاقتصاد العراقي يجب ان يتحول الى نظام السوق الحر، وايضا السماح للاستثمار الاجنبي والشركات الاجنبية والانفتاح وهذا الانفتاح ادى الى المزيد من الفوضى، وعند ذاك دمر القطاع الصناعي والزراعي ونحن الى الان نستورد حتى الماء، لذا لابد ان نشخص تلك العلل كي ننهض بهذا البلد خاصة وان من اهم اسباب النهوض هي تنوع الاقتصاد العراقي، لاسيما وان هناك مجالات عديدة وموارد معطلة الى جانب ذلك نوقف زحف الاستيراد العشوائي وغير المدروس، وحقيقة استبشرنا خيرا حينما وافقت الحكومة على حماية (50) منتج، على امل ان تكون تلك الخطوة عامل مهم من اجل ان نبني صناعة وزراعة فاعلة كي نواجه بها المستورد الاجنبي وحتى يكون لدينا منافسة وكفاءة، فالمنتج المحلي ايضا هو مطالب بان يكون بمستوى الطموح وذو كفاءة عالية حتى تكون خيارات الدولة في حماية المنتج المحلي في محلها.

وبهذا المجال طرحت رؤى مختلفة وهي تدعو الى عودة القطاع العام بعدما فشل القطاع الخاص في ادارة الاقتصاد، وهذا غير وارد بحكم التجارب العالمية فيفضل حينذاك ان يدخل القطاع العام في مجالات لا يستطيع القطاع الخاص الولوج اليها، في الوقت ذاته لابد ان نوفر للقطاع الخاص مستلزمات حضوره ومشاركته بأنشطة معينة، الى جانب ذلك محاولة تهيئة البنى التحتية الاساسية وكذلك الاطار القانوني والتشريعي، حتى نستطيع ان نبني ونشكل قاعة مادية من مثل الصناعة او الزراعة حتى نجعل الاقتصاد العراق متنوع وان نتخلص من سمت الاعتماد على النفط. وان نجعل الاقتصاد مفتوح وبالتالي هو يؤدي للكفاءة والى تعظيم الارباح، وواقعا عندما يريد ان يتجه الاقتصاد العراقي نحو اقتصاد السوق سوف يصطدم بما هو واقع، فهناك العديد من المنشئات الان متوقفة عن العمل فبعد العام (2003) شكلوا هيئة تابعة لمجلس الوزراء وهي هيئة الخصخصة، وعمل تلك الهيئة يتركز حول كيفية تحويل تلك المنشئات المعطلة التي يبلغ تعدد منتسبيها (400) ألف منتسب الى القطاع الخاص، اجتمعت تلك الهيئة على مدى ثمان أشهر وانتهت بدون نتائج تذكر سوى الحديث عن وجود مشاكل كثيرة متراكمة. فلابد من التخلص من تلك المشاكل فالقطاع الصناعي السوري على سبيل المثال عندما حاول التواجد في العراق، قالوا له ان العمالة لا يمكن تسريحها مع احتمالية ان يسبب مشاكل كبيرة على الواقع الاجتماعي، فنحن واقعا لدينا بطالة وايضا لدينا قوى عاملة وقطاع حكومي مترهل فاذا اقتصاد السوق غير قادر على المنافسة.

الاختلالات الهيكلية

ان التحدي الاخر الذي يواجه الاقتصاد العراقي هو وجود الاختلالات الهيكلية التي يمكن تصنيفها كالتالي: اختلال هيكل الانتاج واختلال هيكل الموازنة واختلال هيكل التجارة الخارجية، وان مسالة الاختلالات هي ليست وليدة النظام الحالي بل هو ارث متراكم، وذلك لان ايرادات النفط وهي المشكلة الاساسية في الاقتصاد العراقي، وبالتالي نحن امام نقطتين اساسيتين فكيف استخدم الدولار الذي يأتي من النفط، ثانيا كيف استخدم النفط لأتخلص من النفط، عندها النفط خلق لي قطاعين منفصلين وهما قطاع النفط والقطاعات الاخرى ككل. ان قطاع النفط هو قطاع متطور وهو لا يستوعب العمالة رغم انه يشكل أكثر من نصف الناتج المحلي أكثر من (90%)من الصادرات، لكنه لا يستوعب من العمالة الا (1%) وهذه حقيقة مشكلة، لاسيما وان العراق يمتلك عمالة عالية عندها لابد من تطوير القطاعات الاخرى حتى تستوعب العمالة، هذا مما ولد قطاعين متناقضين واحد متطور والاخر متخلف وواحد مستوعب للعمال وواحد غير مستوعب للعمالة، وهنا تبرز حقيقة كون الاقتصاد العراقي يعتمد على النفط إذا هو غير متنوع، وبالتالي ان تلبية الاحتياجات المتزايد حتما ستتحقق عبر الاستيراد.

وان من ابرز صور تطور المجتمعات هو انها تنمو من خلال تنوع الناتج القومي من الزراعة الى الصناعة الى الخدمات، ففي بعض بلدان العالم تشكل الخدمات ما نسبته(75%) من الناتج القومي، لذا فالعراق واقعا لديه تشوه بالناتج القومي خصوصا وان مساهمة القطاع الزراعي انخفضت من(14%) الى(5%) من عام (2003) الى (2014)، والقطاع الصناعي هو عمادة التطور وهو القاعدة الانتاجية انخفض من (5%) الى (3%)، ايضا عندما نأتي الى القطاع النفطي هو الاخر انخفضت مساهمته بسبب انخفاض الاسعار العالمية، وهذا لا يعني ان هناك تطور في قطاع الخدمات مما أدى الى انخفاض في قطاعات اخرى، فالحقيقة تقول عند انخفاض قطاع النفط برزت القطاعات الخدمية وهو ليس تطور طبيعي، وهنا حتما نحتاج الى تنمية القطاع الصناعي والقطاع الزراعي حتى ننهض بالاقتصاد ونبني قاعدة مادية".

والاختلال في هيكل الانتاج ممكن تجاوزه من خلال منح القروض الصغيرة والميسرة بأسعار فائدة تفضيلية وتسهيل اجراءات الاستثمار، حتى بالقطاع الزراعي فالقروض يحصل فيها اساءة بالاستخدام مثلا الدولة اعطت قروض لتربية الابقار، فمن غير المنطقي اكثر من فلاح يستلم قرض على نفس الابقار، ايضا الاهتمام بقطاع السياحة الدينية ودعمه لأنه يمثل نفط اخر، وايضا مسالة النازحين واعمار المناقض المتضررة وهي مشكلة كبيرة بالنسبة لأعداد النازحين ولتكاليف اعادة الاعمار، خصوصا وان تكاليف الاعمار فيها شبهات فساد عالية جدا وايضا هناك مبالغة في تقدير التكاليف، وهنا لابد من استثمار المساعدات الانسانية العاجلة حيث يقدر عدد المحتاجين للمساعدة في العراق بـ (10) مليون، اجمالي الاشخاص الذين تستهدفهم الامم المتحدة (7،300) مليون، النازحين (3،100) مليون، الاشخاص الذين يعيشون خارج المخيمات (2،800) مليون، المتضررين من المجتمعات المضيفة للنازحين (3،200) مليون، العائدين لسكناهم هم (1،200) يضاف لهم النازحين السوريين (230) الف، وهؤلاء يحتاجون لمساعدات انسانية عاجلة بمبلغ (861) مليون دولار في (2016) ويتضاعف الرقم في (2017)، مع العلم ان عدد النازحين في الموصل يشكل رقم ضئيل.

ان التحدي الاخر هو السياسة النقدية لاسيما وقد صرح مدير البنك المركزي بانه سيتم حذف الاصفار، النقطة التالية هو في مزاد العملة وقد شابه الكثير من الفساد وسوء الاستخدام لكننا بالمقابل نحتاج لإعادة نظر، لاسيما في ربط امر بيع العملة بالمصارف الحكومية حتى نتخلص من مشكلة تهريب العملة، الشيء الاخر ان نلجئ للاعتمادات بشكل اكبر وايضا ان تكون هناك رقابة شديدة على المنافذ الحدودية، ايضا استيرادات القطاع الخاص في احدى السنوات (33) مليار اما بالنسبة لمزاد العملة بلغ(44) مليار، الفارق هنا (14) مليار عندها المسالة هنا فيها الكثير من المشاكل لذا لابد من ايجاد الية اخرى او تحسين عملية بيع العملة من خلال المزاد.

والاصلاح الذي نحتاجه هو اصلاح الموازنة العامة وهذا يتم من خلال: اولا ان نغادر مسالة اعداد الموازنة وفق البنود وهي بؤرة للفساد، وان نذهب لموازنات اخرى من مثل موازنة البرامج والاداء والى الموازنة الصفرية، ومجلس الوزراء شكل لجنة لهذا الغرض وسافرت للعديد من دول العالم من مثل جنوب افريقيا ماليزيا كندا، وذلك من اجل وضع برنامج ويكون التخصيص على هذا البرنامج، وان موازنة البنود هي تحدد سلامة موقف الصرف وفقا للقوانين والتعليمات، والسؤال هنا هل حققت هدفي فعلا من تخصيص مبلغ معين لفقرة ما، وايضا في اعداد الموازنة هناك مشكلة كبيرة تتعلق بتقييم الايرادات وتخصيص النفقات، الى جانب ذلك فان ما بعد (2003) والى الان الموازنات تعد بعجز وتنتهي بفائض، المشاكل تتلخص بعد (2014) اي بعد انهيار اسعار النفط والصراع الموجود في البرلمان على تحقيق المطالب، والنخب السياسية هنا تريد ان تعظم اصواتها في الانتخابات وبالمقابل الافراد والجمهور يريد ان يعظم منافعه، اذا الموازنة تمثل جنبة سياسية اكثر من كونها ذات جنبه اقتصادية".

 المداخلات والتعقيبات

- الأستاذ الدكتور حسن لطيف التدريسي في جامعة الكوفة، تحدث قائلا "تعرضتم الى تحدي فلسفة الدولة وعلى ما يبدو أنتم ممن يناصر مسألة التحول نحو القطاع الخاص والحرية الاقتصادية، خاصة وان هناك جنبة تتعلق بالتأثيرات الاجتماعية المرتبطة بالموضوع فالكثير من دول العالم التي اعتمدت التحول الاقتصادي نحو اقتصاد السوق، كان هذا التحول ينطوي على تكلفة اجتماعية ولذلك هذه الدول عمدت الى تأسيس شبكة حماية اجتماعية، لحماية الفقراء الذين يتضررون من عملية التحول. مشكلتنا هنا انه نظام الحماية الاجتماعية الهش هو واقعا يستهلك منا (16%) من مجمل الناتج المحلي لأغراض الحماية، أقرب دولة لنا هي اوغندا تصرف (8%) اي نصف ما نصرفه نحن وتركيا تصرف (2%) الاردن يصرف (1%)، فهل نحن في عملية التحول إذا أردنا ان نوسع نطاق شبكة الحماية الاجتماعية فإلى اين سوف نصل؟".

- الأستاذ المساعد الدكتور عبد الحسين الغالبي تدريسي من جامعة الكوفة، اورد ملاحظتين الاولى تساؤل مفاده الا تعتقدون ان الحماية ستنشئ قطاعات اقتصادية معتمدة على الدعم، ولا تستطيع منافسة السلع المختلفة في الاسواق العالمية وحتى في الاسواق المحلية، النقطة الثانية هي معالجه مشكلة الكساد والركود في الاقتصاد العراقي، خصوصا وان امامنا خياران لتنشيط الاقتصاد العراقي وهما السياسة المالية والسياسية النقدية، السياسة المالية امام مشاكل كثيرة نبدأها بمشكلة اسعار النفط، لذلك من غير الممكن ان تكون السياسة المالية هي سياسة توسعيه لحل مشكلة الركود، لذا لابد من اللجوء الى الطريق الاخر وهو السياسية النقدية لحل مشكلة الركود، حتى ولو كان جزئيا على الاقل ويكون ذلك من خلال اعطاء قروض قصيرة الاجل والقروض للصناعات الصغيرة، اضافة الى منح قروض اخرى يمكن من خلالها توسعت عمل السياسة المالية والتخلص من حالة الركود التي يمر بها الاقتصاد العراقي.

- الدكتور خالد العرداوي مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات الستراتيجية من جانبه يشكك في حقيقة ان المجتمع لا يتقبل خدمات القطاع الخاص نظير مبالغ معينة، المسالة هنا لا تقف عند المجتمع بل نحن امام نظام دولة، فالدولة لم تحاول زيادة وعي المجتمع، بالتالي المجتمع مارس هذا النوع من السلوك، ايضا يرد كثيرا مفهوم تحول المناطق الزراعية الى سكنية هذه المشكلة هي ايضا في خانة الحكومة، فالمواطن لو كان يتوفر له سكن وخدمات جيدة لا يلجئ للسكن في التجاوز وفي ظروف غير انسانية ويتحمل مخاطر عالية، خصوصا وان الحكومة ملزمة بتوفير سكن للمواطن وهذا النص موجود في الدستور، علما اننا نحتاج الى اكثر من ثلاثة ملايين وحدة سكنية، الى جانب ذلك فان نمو الشعب العراقي الديموغرافي يتضاعف كل (18) سنة، لذا لابد ان يتضاعف مستوى الخدمة بمستوى النمو السكاني، سؤالي الاخير هل هناك فرص امام الاقتصاد لعام (2017) وما هي وكيف يستثمرها صانع القرار السياسي في العراق؟.

- الحقوقي احمد جويد مدير مركز ادم للدفاع عن الحقوق والحريات اشار الى ان الورقة توسعت كثيرا في مناقشة السنوات السابقة واحببنا ان يتم التركيز على العام (2017) والفرص التي يمكن استثمارها، علما ان هناك مجموعة من التحديات يمكن الوقوف عندها وهي تخص الجانب الاقتصادي في العراق، ومن ضمنها الجانب التشريعي والروتين والبيروقراطية والتي من الممكن ان تعوق كل فرص الاستثمار، خاصة وان المستثمرين في العراق حينما يقدمون على مشروع او استثمار معين، يتم حينذاك ابتزازهم او اعاقتهم مما يؤدي الى هروبهم او رجوعهم. ايضا قضية الفساد شيء معروف وواضح في المشهد العراقي وسببها هو ضعف الرقابة وعجز القضاء وتنفذ الاحزاب وتسلطهم على الاقتصاد، وهذه مشكلة لا يمكن حلها في العام (2017)، وبطبيعة الحال ان الاقتصاد لا ينهض بالتمنيات ايضا القروض الدولية التي عليها شروط لصندوق النقد الدولي وهي ايضا من التحديات التي تواجه الاقتصاد العراق، الافتقار الى التخطيط الناجح بشكل او باخر وان وزارة التخطيط العراقي هي وزارة اللاتخطيط، ضخامة الانفاق على الحروب والعسكر والمشكلة بين المركز والاقليم، الشيء الاخر رسم السياسات العامة للاقتصاد العراقي التي تقع على عاتق الحكومة وهي ليست لديها حتى على مستوى سنة واحدة. وبالنسبة للفرص قد تتحقق من خلال التوجه الدولي نحو العراق ومحاولة خلق فرص استثمارية مهمة في الاقتصاد العراقي، سؤال اخير هل القوانين والتشريعات مهيئة للنهوض بالواقع الاقتصادي في العراق؟

- الدكتور حسين احمد السرحان باحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الستراتيجية، يرى ان الاشكاليات السياسية لا زالت تنعكس كثيرا على الاداء الاقتصادي، هذه الاشكاليات تتمثل بالإطار العام غياب مشروع بناء الدولة العراقي، وبالتالي انعكست على مشروع وجود فلسفة اقتصادية واضحة للدولة، الاشكالية الأخرى هي غياب سيطرة مؤسسات الدولة على اقليم الدولة ككل والمثال الابرز هو عدم سيطرة الدولة على المنافذ الحدودية حتى في المناطق الوسطى والجنوبية. السؤال الاساسي في وقت الركود لا يمكن ان يعمل المضاعف عن طريق النفقات العامة، في وقت ان السياسات المالية غير ممكن ان تكون توسعية في هذا الوقت بسبب قلة الايرادات، ويجري من خلال هذا القرض تمويل الاقتصاد من الخلف اي يعني من خلال السياسة النقدية، هذه الالية هل تكون ناجحة وباستمرارها لسنوات قادمة في وقت نشهد عندما يزيد الدخل يزيد الطلب وبالتالي يزيد الاستيراد، وبالنتيجة العملة الصعبة تذهب الى خارج من دون فائدة وهنا المضاعف لا يشتغل، والسبب هو تعطيل الماكنة الانتاجية وان الصعوبة هنا تتمثل بين تفعيل الماكنة الانتاجية وبين الطلب المتزايد على السلع والخدمات المستوردة، فمتى نستطيع ان نفعل الانتاج الداخلي ونوقف الاستيرادات او نحد منه".

- المدرس حمد جاسم محمد باحث في مركز الفرات يرى ان المشكلة في دول العالم النامي والعراق منها هو الربط بين هوية النظام السياسي وهوية الاقتصاد، الا ان ذلك لا يتم في الدول الاوربية وهناك تحرر من هذه السياسة، وبالتالي هنا يتشكل سؤال الا تعتقدون بان التحرر من الربط بين هوية النظام وهوية الاقتصاد هو الحل الانجع؟

 - ايهاب علي تدريسي وباحث في شبكة النبأ المعلوماتية يقول: اذا كان الدكتور علاوي يعتقد ان الشراكة هي احدى سبل الحل ما بين القطاع العام والقطاع الخاص للنهوض بواقع الاقتصاد العراقي، فإننا قبل (2003) كان لدينا قطاع اشتراكي مقيت سبب لنا ترهل وبيروقراطية عالية ثم انتقلنا الى اقتصاد مفتوح، اذا نحن لدينا مشكلة بالقطاع العام والخاص فكيف نبني شراكة بين مشكلتين، فهل نحتاج الى اصلاح القطاع العام ومن ثمة اصلاح القطاع الخاص؟، اليوم لدينا قطاع طفيلي يدخل في مشاريع غير انتاجية، اضف الى ذلك ان الاقتصاد الحر ينجح في الدول التي تنشئ فيها الاقاليم كالإمارات وفرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا. قضية مزاد العملة هي الاخرى قضية مهمة لابد ان تأخذ حيزا كبيرا من البحث، الشيء الاخر سياسات التقشف والاستدانة من الخارج ماهي تراكماتها في سنة (2017) وما هي اثارها؟، اضافة العجز السابق هل العراق قادر على خفض نسبته هذا العام ام سيتراكم في السنوات اللاحقة؟

- الاستاذ علي صالح الطالقاني مدير مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام. ورئيس تحرير صحيفة المختار، انطلق من خلال المنظومة السياسية في البلد ومن كونها استطاعت ان تهندس الدستور وفق نظريتها السياسية وقد تم اغفال هندسة النظريات الاقتصادية، النقطة التالية هي تحقيق الرفاهية ومدى وجود رؤية للإصلاح الاقتصادي، ايضا لم يتم التطرق الى توزيع الموارد بشكل مستفيض، شيء اخر الاستفادة من القروض والمساعدات والمنح التي تهبها الدول الاخرى، تنمية القطاع الخاص وتأهيل الموارد البشرية في خضم تواجد جيوش من العاطلين. البطالة والقطاعات غير المستغلة حقيقة ان منشئات التصنيع العسكري التي تم تحويلها الى منشئات الصناعة والمعادن، فعلى سبيل المثال معمل الاطارات ومعامل انتاج الادوات المنزلية خاصة الكهربائية منها، ايضا دعم الصناعات الوطنية هذه كلها مشاكل جعلت عملية الاستيراد من الخارج يشوبها الكثير من الفساد، النقطة الاخرى دعم المناطق الصناعية والزراعية هذه لم يتحدث عنها الاقتصاديون كثيرا. ايضا اصلاح المنظومة التشريعية التي تشرف على العملية الاقتصادية، خصوصا ما يهم الاستثمار وتخفيض الاجراءات الصارمة من قبل الدول التي لها مستحقات مالية على العراق، اعادة تحديد دور العراقي في ظل النظام الاقتصادي العالمي فاين نحن اليوم مما يدور حولنا من حركة اقتصادية، الى جانب ذلك ومن اجل معالجة الاختلال الهيكلي في السوق لابد ان نقف بوجه المنافسة بالسوق، وايجاد موارد اخرى يستطيع العراق المنافسة فيها والخروج في ذات الوقت عن المنافسة التقليدية، اخيرا سؤال هو الضغوط السياسية من اجل دعم اقتصادي مالي لدولة معينة فكيف سيتم الحد من هذه الظاهرة، وهل هناك توجه حقيقي لإدارة الاقتصاد العراقي من خلال رؤية واضحة؟

- الشيخ مرتضى معاش رئيس مجلس إدارة مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام، يرى ان مشكلة الاقتصاد العراقي تتوقف عند النظام السياسي الذي يسعى الى الهيمنة الاقتصادية على الشعب، بالنتيجة يضع القوانين المعرقلة والمعوقة امام تقدم المجتمع في قضية الاقتصاد والاستقلال الاقتصادي، والان هناك مشكلة الاستثمار الداخلي فاغلب الاموال مكتنزة فلا يستفاد منها في الاستثمار الداخلي، وهذا دلالة على عدم وجود ثقة في المجتمع في عملية الاستثمار، وايضا عدم وجود قوانين تسهل عملية الاستثمار، لذا لابد من تغيير تفكير السلطة، الى جانب ذلك ذكرتم الشراكة بين القطاع الخاص والعام فهل هي ممكنة؟، وهذا الامر لا يتم الا من خلال تحويل القطاع العام الى شركات مساهمة وتباع هذه الاسهم الى الناس، ومن ثم يكون للدولة استثمار في هذه الشركات من خلال هذه الشركات، اضف الى ذلك فاذا ما اردنا ان نخلق اقتصاد عراقي جيد لابد ان نعيد بناء الثقة وهذا يتم عن طريق تقليل القوانين القامعة للاستثمار، وايضا ان نشجع الناس على الاستثمار الانتاجي وليس الاستهلاكي خاصة وان جميع مشاريع الاستثمار اليوم هي استهلاكية، لذا لابد على السلطة ان تتخلى عن هيمنتها الاقتصادية التي ستفضي الى عدم وجود اقتصاد عراقي ناجح.

- السيد نبأ الحمامي مدرس في الحوزة العلمية في النجف الاشرف، يرى ان المشاكل التي يعالجها علماء الاقتصاد في العراق هي حقيقة ليست مشاكل؛ لانه طيلة الفترة الممتدة منذ (2003) والى الان، هناك مشاكل تشكلت من السنة الاولى ووضع المتخصصون لها حلولا ثم في السنة الثانية ايضا وضع لها حلول، بالحقيقة هذه الحلول لم تفعل بتوقيتاتها المحددة. لذلك لا نجد فائدة من تشخيص العلل والامراض الاقتصادية ما دامت لا تتوفر لها مساحة من التطبيق على ارض الواقع.

تعليقات الباحث الختامية

أخيرا، يرد الدكتور كامل علاوي على جميع الاستفسارات منوها الى حقيقة ان الورقة كانت تضم العديد من الملفات المهمة، من مثل ملف النفط والعلاقة مع اقليم كردستان، وايرادات النفط وكيفية حسابها، ايضا جولات التراخيص وضرورة اعادة التفاوض في العام (2017) مع الشركات النفطية، بالإضافة الى ملف التشغيل وملف البطالة، الى جانب ذلك فان الشراكة ممكنة بين القطاع العام والخاص وهناك آليات عديدة لها من مثل السوق الاجتماعية واشتراكية السوق، الشيء الاخر ان بناء اقتصاد من دون تضحيات هذا شيء غير وارد.

اما بالنسبة لتأهيل الموارد البشرية فالدولة اليوم ابوية ونحن لدينا ترهل بالقطاع الحكومي، فهناك (3,14) ملايين موظف العام الماضي اما هذا العام (2,850) مليون، وان نسبة التخفيض تعادل(164) ألف وهذا لا يوازي نسبة التخفيض في الكلفة التشغيلية هذا من جانب، الجانب الاخر هناك اشكال اخرى للتبويب، ايضا مطلوب ان يتوفر دعم للصناعة الوطنية وان ملف الحماية الاجتماعية هو من الملفات المهمة التي ضمتها الورقة.

 اما ما يتعلق بالسياسة المالية والسياسة النقدية والتعارض بينهما فنحن بعد (2003) كانت السياسة المالية توسعية حتى ننعش الاقتصاد ومن اجل التوظيف، علما السياسة النقدية كانت انكماشية فهناك تناقض بين عمل السياسة المالية والسياسة النقدية، في زمن الركود الان صار العكس السياسة المالية اصبحت انكماشية والسياسة النقدية تسعى ان تكون توسعية ايضا هناك تناقض، نحن نريد تناغم بين الاثنين فعندما يكون لدي عجز فكيف نمول هذا العجز، المؤسسة الرسمية لجأت الى الاقتراض وبدل ذلك كان من المفروض على الحكومة ان تتجه نحو اصدار نقدي مضبوط وغير منفلت.

 ايضا على الدولة ان توفر سكن شريطة ان لا تتجاوز على الاراضي الزراعية، اما بالنسبة للفرص فهي كبيرة جدا مثلا العجز في الموازنة يمكن تغطيته وفق توقعات سعر النفط والتعديلات الجارية عليه، وايضا يمكن تحريك سعر الصرف الى سعر السوق الحالي بالتالي يتلاشى العجز الموجود في الموازنة، مشكلة الاقليم والمركز مشكلة عويصة، من اهم شروط المضاعف حتى يعمل هو وجود طاقات معطلة وان تكون هناك بطالة، واذا لم يتوفر هذا الشرط لن يعمل المضاعف فعندما نزيد الانفاق سوف يؤدي الى مردودات عالية، بالمقابل ندعو الى وجود الدعم وقروض ميسرة هذه كلها فرص ولا تحتاج الى تشريع".

اضف تعليق