q

شكلت الولايات المتحدة ضغطا بعدما امتدح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الإجراء الذي اتخذته دول خليجية ضد الدوحة على الرغم من أن قطر مقر لأكبر قاعدة جوية أمريكية في المنطقة، وعلى الرغم من أن الطلب العالمي ظل قويا، تواجه سوق النفط صعوبات للعام الثالث على التوالي من مخزونات بالغة الارتفاع يبدو أنها تأبى أن تتقلص على الرغم من أن دول من أوبك ومن خارجها مثل روسيا وسلطنة عمان وقازاخستان قلصت إنتاجها، ويعادل حجم المخزونات البالغ نحو ثلاثة مليارات برميل من النفط في دول العالم الأكثر ثراء حجم الطلب في نحو شهر ويعطى ذلك للمستثمرين فسحة في مواجهة أي تعطل في الإمدادات، وذكر ريتشارد مالينسون المحلل لدى إنرجي أسبكتس للاستشارات إلى حين تنخفض المخزونات الزائدة بشكل واضح وتقل كثيرا عما هي عليه اليوم، ستظل تلك الحساسية قليلة نسبيا، وأن الأمور الجيوسياسية ستكون مهمة لكن من غير المرجح أن تكون الموضوع الأساسي في اهتمامات السوق.

صرحت وكالة الطاقة الدولية إن من المتوقع أن يفوق نمو إمدادات النفط في العام المقبل زيادة متوقعة في الطلب ستدفع الاستهلاك العالمي فوق 100 مليون برميل يوميا للمرة الأولى، وذكرت الوكالة التي مقرها باريس إن الإنتاج من خارج منظمة البلدان المصدرة للبترول سينمو في 2018 بمثلي وتيرة العام الحالي الذي قررت فيه أوبك و11 دولة شريكة تقييد الإنتاج، وفيما يخص إجمالي الإنتاج من خارج أوبك، نتوقع أن ينمو الإنتاج بمقدار 700 ألف برميل يوميا هذا العام، اذ يتوقع أن ينمو الإنتاج من خارج أوبك بمقدار 1.5 مليون برميل يوميا وهو ما يفوق بقليل الزيادة المتوقعة في الطلب العالمي.

وواصلت العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت خسائرها بعد نشر التقرير، لتنخفض 64 سنتا خلال الجلسة إلى 48.08 دولار للبرميل بحلول الساعة 0804 بتوقيت جرينتش من نحو 48.26 دولار قبل النشر، وزادت مخزونات النفط بمعظم الدول الصناعية في أنحاء العالم في أبريل نيسان بمقدار 18.6 مليون برميل إلى 3.045 مليار برميل بفضل ارتفاع إنتاج شركات التكرير والواردات. وقالت وكالة الطاقة إن المخزونات تزيد على متوسط خمس سنوات بواقع 292 مليون برميل، وما زالت الوكالة تتوقع عجزا ضمنيا في الإمدادات بالنسبة إلى الطلب في الربع الثاني من العام الحالي.

لكنها بينت إن تباطؤ نمو الطلب في الصين وأوروبا على الأخص، وكذلك زيادة الإمدادات، يعنيان أن العجز سيتقلص إلى 500 ألف برميل يوميا مقارنة مع تقدير سابق بواقع 700 ألف، واتفقت أوبك و11 مصدرا منافسا من بينهم روسيا على تمديد اتفاق قائم يقضي بخفض الإنتاج 1.8 مليون برميل يوميا حتى مارس آذار 2018 بهدف تقليص مستويات المخزون العالمي.

وأضافت وكالة الطاقة الدولية أنه وبناءاً على توقعاتنا الحالية لعامي 2017 و2018، وفي ضوء التصور الذي يرى إن دول أوبك ستواصل الالتزام باتفاق الإنتاج، فإن المخزونات قد لا تنخفض إلى المستوى المطلوب حتى قُرب نهاية الاتفاق في مارس (آذار) 2018".

من جهة أخرى فأن ارتفاع الإنتاج من الولايات المتحدة أحد العوامل الرئيسية التي تكمن خلف مستويات المخزون المرتفعة وتقدر وكالة الطاقة أن الإنتاج الأمريكي سيواصل النمو بقوة في العام المقبل، وأن التوقعات الأولية لعام 2018 تشير إلى أن إنتاج الخام الأمريكي سينمو 780 ألفا على أساس سنوي لكن نظرا لطبيعة حركة هذا القطاع الاستثنائي ومن الممكن أن يكون النمو أسرع، وجرى تعديل توقعات إجمالي إنتاج النفط الأمريكي لعام 2017 بالرفع بمقدار 90 ألف برميل يوميا إلى متوسط يبلغ 13.1 مليون برميل يوميا بعد إضافة المزيد من الحفارات وزيادة الإنفاق.

وزاد إنتاج الخام من دول أوبك في مايو أيار بمقدار 290 ألف برميل يوميا إلى 32.08 مليون برميل يوميا ليسجل أعلى مستوى في 2017 بعد ارتفاع الإنتاج في ليبيا ونيجيريا المعفاتين من اتفاق خفض الإنتاج لكنه يظل ضمن حدود الاتفاق، وذكرت وكالة الطاقة إنه بالمقارنة مع مايو أيار 2016، انخفض إنتاج أوبك من النفط بمقدار 65 ألف برميل يوميا، وزاد إنتاج الدول غير الأعضاء في أوبك بواقع 295 ألف برميل يوميا على أساس شهري في مايو أيار إلى 57.8 مليون برميل يوميا بارتفاع قدره 1.25 مليون برميل يوميا مقارنة مع الفترة ذاتها قبل عام.

أسعار النفط لن تبلغ 70 دولارا في 2017

أما في الوقت الحالي فقد ذكر رئيس فيتول آسيا لتجارة الطاقة والسلع الأولية إن من المرجح أن تظل أسعار النفط بين أوائل الخمسين وأوائل الستين دولارا للبرميل في 2017 ومن المستبعد أن تبلغ 70 دولارا للبرميل بسبب فائض المعروض، في حين ذكر كو هوي مينج رئيس الوحدة التابعة لفيتول أكبر شركة مستقلة لتجارة الطاقة في العالم إن مارس آذار شهر صعب جدا على صعيد حركة التجارة بسبب وقوعه بين ذروتي الطلب الشتوي والصيفي وأعمال الصيانة بكثير من مصافي التكرير الآسيوية، لكنه أضاف أن من غير الواضح إن كانت السوق ستنشط فور عودة مصافي التكرير إلى الخدمة.

وأوضح أن الطلب ينمو عالميا وبخاصة في أوروبا والصين والهند والولايات المتحدة لكنه ما زال أبطأ من المعروض، وإن هناك طفرة في حجم شحنات النفط الخام من الولايات المتحدة إلى آسيا ولاسيما تلك المتجهة إلى منطقة شاندونغ في الصين منذ أواخر العام الماضي وحتى أوائل العام الحالي، وقد تزيد تدفقات الخام الأمريكية المتجهة شرقا بسبب تراجع تكلفة الإنتاج في الولايات المتحدة مع قيام المنتجين بتحسين الكفاءة وفرض سقف عالمي على انبعاثات الكبريت من 2020 مما سيصب في مصلحة الخامات الأمريكية الخفيفة وتراجع أسعار الشحن البحري، وتوقع كو استمرار نمو نواتج التقطير الخفيفة، التي تشمل النفتا والبنزين وغاز البترول المسال، في آسيا.

أساسيات سوق النفط في المسار الصحيح

نقلت مصادر عن وزير الطاقة السعودي خالد الفالح من إن سوق النفط تتجه في المسار الصحيح لكنها ما زالت بحاجة إلى الوقت لكي تستعيد توازنها، وأن أساسيات السوق تتجه في المسار الصحيح غير أنه وبالنظر إلى الفائض الكبير في المخزون المتراكم على مدى السنين الماضية فإن أثر هذا التخفيض يحتاج إلى وقت حتى يتحقق، وأضاف أن التوقعات الحالية التي تشير إلى استعادة السوق لتوزانها خلال الربع الرابع من هذا العام قد أخذت بعين الاعتبار الزيادة في إنتاج النفط الصخري

وأشار إلى عمليات سحب "كبيرة نسبيا" تقدر بنحو 50 مليون برميل من المخزونات العائمة وانخفاض المخزونات البرية في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بمقدار 65 مليون برميل مقارنة مع يوليو تموز 2016، وأن السوق في الغالب تغفل هذه المعايير وتركز على السوق الأمريكية التي كان الانخفاض في نسب المخزون فيها أقل من المتوقع وإن نسبة الالتزام بالاتفاق في أبريل نيسان ومايو أيار تجاوزت 100 بالمئة، كما يتوقع أن يعود الإنتاج الليبي إلى مستوياته الطبيعية، و إن مستوى الزيادة في إنتاج ليبيا ونيجيريا ما زال في النطاق الذي حُدد في الجزائر حين قررت أوبك خفض الإنتاج للمرة الأولى منذ عام 2008، وكانت أوبك ذكرت الأسبوع الماضي في تقريرها الشهري إن الإنتاج زاد 336 ألف برميل يوميا في مايو أيار إلى 32.14 مليون برميل يوميا بقيادة تعاف في نيجيريا وليبيا.

وأكد ذلك وزير الطاقة الروسي ألكسندر بإن سوق النفط تتحسن في ظل تخفيضات إنتاج أوبك وبعض الدول غير الأعضاء بالمنظمة ومن بينها روسيا، مما يقلص فائض المعروض الذي ضغط على الأسعار لسنوات لكنه أحجم عن ذكر ما إذا كان سيتم تمديد العمل بالتخفيضات، ويجتمع أعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) مع عدد من المنتجين خارجها يوم 25 مايو أيار لبحث تخفيضات الإنتاج التي جرى الاتفاق عليها العام الماضي وتقتضي خفض الإنتاج بواقع 1.8 مليون برميل يوميا، وتتحمل أوبك ثلثي هذا الخفض.

وذكر الوزير أن أسعار النفط الحالية تعكس الوضع في السوق، حيث يقارب سعر خام القياس العالمي مزيج برنت حاليا 53 دولارا للبرميل، وكان نوفاك صرح الأسبوع الماضي إن روسيا ستخفض إنتاجها من الخام بواقع 300 ألف برميل يوميا بحلول نهاية أبريل نيسان كما اتفق عليه مع كبار المنتجين الآخرين، وأعطت السعودية والكويت وهما من كبار منتجي النفط الخليجيين تلميحا واضحا إلى أن أوبك تفكر جديا في تمديد تخفيضات الإنتاج، وذكرت مصادر من أوبك إن تقييما داخليا يشير إلى أن عدم تمديد الاتفاق قد يؤدي لهبوط النفط مجددا إلى 30-40 دولارا للبرميل.

انحراف عن المسار وتعقيد للتوقعات

إن أسعار النفط مستمرة في الانخفاض، لعدة أسباب، منها أن الشركات الأميركية تنتج كميات كبيرة من البترول، كما أن منظمة البلدان المصدرة للنفط “أوبك” الإنتاج بالقدر الكافي، ولا يقود كذلك سائقو السيارات في جميع أنحاء العالم لمسافات طويلة كفاية لتقليص المعروض من النفط الخام والبنزين بالسرعة المتوقعة، وأن السبب الأكبر في معادلة النفط، والذي يمكن أن يقلب أسعار المعروض من يوم إلى التالي، هو الدولة الغنية بالنفط ليبيا، وهي من أقل الدول استقراراً في شمال أفريقيا، مشيرة إلى أنه بالتناقض مع توقعات كل الخبراء، فقد ارتفع إنتاج ليبيا من النفط في الأشهر الأخيرة ليصل الأسبوع الماضي إلى مستوى 885 ألف برميل يوميًا، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف إنتاجها قبل عام واحد فقط.

وأن الإنتاج غير المتوقع من ليبيا أضاف إلى الضغط الذي يدفع الأسعار إلى الانخفاض، فقد أغلق خام غرب تكساس الوسيط أمس عند أدنى مستوى له منذ العام الماضي، 43.23 دولار بانخفاض قدره 2.2%، وأن النجاح الذي حققته ليبيا في حقول النفط لم يكن قابلاً للاحتمال بنسبة كبيرة في الوقت الذي انقسمت فيه البلاد بين الحكومات والعديد من الميليشيات الإقليمية والقبائل المعادية المتصارعة، حيث تعقد الصفقات من أسبوع للآخر بين مسؤولي النفط والمجموعات القبلية التي تسعى للنفوذ في الصحراء الجنوبية فقط للحفاظ على خطوط الأنابيب مفتوحة، كما أن التوتر المفاجئ بين قطر وجيرانها في الشرق الأوسط يلقي بظلاله بقوة أكبر على ليبيا، ويهدد الصادرات ويتوقع الآن مسؤولو النفط الليبيون أن يصل إنتاجهم إلى مليون برميل يوميًا بحلول نهاية يوليو، وهو مستوى لم يُر منذ أربع سنوات.

وذكر الباحث الاقتصادي مايكل لينش رأي كثير من الخبراء أن الأوضاع في ليبيا غير مستقرة، وإن السياسات مبهمة لدرجة أنهم لا يريدون أن توقع مزيد من الإمدادات من هناك، مضيفاً أوبك ما زالت مصابة، فهي تعود إلى المشكلة أن بها الكثير من الأعضاء في حاله سيئة، مما يصعب عليها مطالبة الجميع بالقيام بتضحيات متساوية، لذلك فإنهم استبعدوا تلك الدول الثلاث، والآن انقلب عليهم الأمر.

اضف تعليق