q

أثارت خطة دونالد ترامب القاضية بخفض الضرائب على الشركات في الولايات المتحدة مخاوف من قيام سباق جديد في العالم لخفض الضرائب قد يتسبب بعواقب اجتماعية وخيمة، وبحسب الخطة التي وصفها مستشار ترامب في الاقتصاد غاري كون بأنها "أهم قانون لخفض الضرائب منذ 1986، وأحد أكبر التخفيضات الضريبية في التاريخ الأميركي"، يعتزم البيت الأبيض تخفيض الضرائب على الشركات من 35 إلى 15%.

والهدف بحسب وزير الخزانة ستيف منوتشين هو "إعادة مئات مليارات الدولارات الموجودة خارجة البلد لاستثمارها هنا في الولايات المتحدة" وإنشاء وظائف، ويسعى ترامب من خلال خطته الإصلاحية لتحقيق نمو اقتصادي سنوي بنسبة 3%، غير أن الخطة المرتقبة منذ فترة طويلة والتي لم يكشف عنها سوى بعض الخطوط العريضة بدون الخوض في التفاصيل، قد تواجه معارضة شديدة في الكونغرس، بما في ذلك من بعض الجمهوريين، على خلفية خلاف حاد بين الأعضاء حول زيادة العجز المالي المرتفع أساسا.

وتعتبر الضرائب على الشركات في الولايات المتحدة حاليا الأعلى بين دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، تليها فرنسا حيث النسبة 34%، ثم بلجيكا (33%) وأستراليا (30%)، ويبلغ متوسط الضرئب على الشركات في دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية حاليا حوالى 24%، غير أن عددا من الدول قررت خفض معدلات الضرائب على الشركات، سعيا منها لتحسين بيئة الأعمال وجعلها أكثر جاذبية للشركات، وفي هذا السياق، تعتزم بريطانيا تخفيض المعدل من 20 إلى 17% عام 2020، في قرار اتخذ قبل خطة ترامب، وجاء استجابة للمخاوف من أن تفقد بريطانيا قدرتها على اجتذاب الشركات بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، أما فرنسا، فتعتزم تخفيض نسبة الضرائب على الشركات من 34 إلى 28% عام 2020. كما تنوي دول أخرى بما فيها إيطاليا وإسرائيل اتخاذ تدابير مماثلة.

ويرى مركز "تاكس بوليسي سنتر" الأميركي للدراسات أن خطط ترامب قد تخفض ميزانية واشنطن بمقدار 6,2 تريليون دولار خلال العقد المقبل، وتزيد الدين العام الأميركي بمقدار 20 تريليون دولار بحلول 2036، ويعارض الكثير من الجمهوريين تقليديا أي زيادة في الديون العامة، ولن يكونوا بالتالي على استعداد للقبول بمثل هذه الزيادة في المديونية.

صندوق النقد الدولي يحذر من تزايد المخاطر على الانتعاش في العالم

اعلن صندوق النقد الدولي أن الانتعاش الاقتصادي العالمي في تحسن مستمر لكنه لا يزال يواجه مجموعة من التهديدات التي يمكن أن تقضي على هذا التحسن خصوصا مع تزايد المطالبة بالحمائية، ويعد هذا التوقع بارتفاع النمو نادرا، كونه الأول منذ عامين، بعد أن كانت توقعات النمو مخيبة للامال. وبالنسبة لعام 2018 يتوقع أن يرتفع النمو إلى 3,6% كما يتوقع ارتفاعه إلى 3,8% بحلول 2022. وصرح موريس اوبستفيلد كبير الاقتصاديين في الصندوق "يبدو أن الاقتصاد العالمي يكتسب زخما، وقد نكون عند منعطف. لكن ورغم التوقعات المتفائلة، فإن نظام العلاقات الاقتصادية الدولية بعد الحرب العالمية الثانية يرزح تحت ضغوط كبيرة".

وحذر التقرير من "مخاطر جسيمة" تتهدد هذه التوقعات منذ كانون الثاني/يناير، وبينها "التحول إلى الحمائية التي يمكن أن تقود إلى حرب تجارية"، وأن العديد من المخاوف تنبع من برنامج الرئيس الاميركي دونالد ترامب الذي يهدد بإزالة الضوابط المالية والانسحاب من الاتفاقيات التجارية المتعددة الاطراف والحد من الهجرة.

وأضاف أن التوجه المناهض للتجارة والهجرة في الاقتصادات المتقدمة يمكن فهمه إلى حد ما نظراً لأن "مكاسب النمو في الاقتصادات الغنية لم تصل إلى الدرجات الادنى في سلم توزيع الدخل في العقود الماضية"، إلا أن اوبستفيلد حذر من أن "الاذعان لهذه الضغوط سيؤدي إلى الحاق هذه الاقتصاديات ضررا بنفسها" وهو ما سيؤذي بعض الدول من خلال ارتفاع الاسعار وتقليص دخل الأسر وسيؤدي إلى أفعال انتقامية وإلى تدهور الاقتصاد العالمي".

كما أكد التقرير أن المخاطر على التوقعات "لا تزال تميل نحو الانخفاض"، ما يعني أن احتمالات سلبية أكبر تلوح في الأفق رغم أن النمو قد يكون أسرع من المتوقع خصوصا في حال وجود برنامج أنفاق كبير للحكومة الأميركية، وافاد التقرير أن أكثر التهديدات إثارة للقلق هو الحمائية، إضافة الى تهديدات بينها السياسات الأميركية غير الواضحة حتى الآن وتأثيراتها على الاقتصاد العالمي خصوصا احتمال ارتفاع العجز والغاء نظم وقواعد مالية وضعت في أعقاب الازمة المالية العالمية العام 2008.

وحذر التقرير من أن "القيام بعمليات تراجع كبيرة عن خطوات مهمة تم اتخاذها منذ الأزمة المالية لتعزيز قدرة النظام المالي على الصمود ستثير احتمال ظهور أزمات مالية مكلفة في المستقبل"، وأكد أن "اعتماد الصين الخطير على الائتمان المتسع بسرعة" هو مصدر قلق آخر، إضافة إلى الطلب الضعيف في أوروبا، وسلسلة من العوامل غير الاقتصادية بينها المخاطر الجيوسياسية والفساد.

وتوقع الصندوق أن تحقق الصين نمواً هذا العام بنسبة 6,6% بارتفاع بمقدار العُشر. كما توقع ان تحقق نمواً بنسبة 6,2% عام 2018، أي بارتفاع بمقدار عُشرين، وأن "النشاط الاقتصادي العالمي يتسارع، إلا أن احتمال حدوث خيبات أمل لا يزال مرتفعا، ومن غير المرجح الحفاظ على الزخم في حال عدم بذل اصحاب القرار جهودا لتطبيق مجموعة صحيحة من السياسات وتجنب اتخاذ خطوات خاطئة".

عدم اليقين السياسي يهدد النمو العالمي

اعتبرت مديرة صندوق الدولي كريستين لاغارد ان التوجه المتنامي للجوء الى الحمائية وحالة عدم اليقين في أوروبا المرتبطة بالانتخابات الرئاسية الفرنسية يشكلان "مخاطر" على الاقتصاد العالمي، وفي خطاب ألقته في بروكسل قبل اجتماعات الربيع بين صندوق النقد والبنك الدولي الاسبوع المقبل في واشنطن، ذكرت لاغارد "هناك مخاطر سلبية واضحة كثيرة" متعلقة بالتوقعات الاقتصادية العالمية، وتشمل "حالة عدم اليقين السياسي بما في ذلك اوروبا"، اضافة الى "سيف الحمائية الذي يهدد التجارة العالمية".

وأشارت لاغارد ايضا في مقابلة مع تلفزيون بلومبرغ الى المستوى العالي من عدم اليقين الذي يحيط بالانتخابات الرئاسية الفرنسية ، وكذلك الانتخابات العامة في المانيا ، ورغم تحقيق الاقتصاد العالمي نموا أقوى، الا ان لاغارد حذرت من ان "الحمائية هي تهديد واضح"، ورغم تراجع مخاطر بدء الرئيس الاميركي دونالد ترامب بحروب تجارية مؤخرا، اعتبرت لاغارد انه في حال تطبيق سياسات الحمائية فسوف يترتب على ذلك "محدودية في الانتاج والاستثمار والابتكار".

وحضت ادارة ترامب على الامتناع عن وصف الصين في تقرير لوزارة الخزانة سيصدر اواخر هذا الشهر بانها تتلاعب بأسعار العملة، وهو ما وعد الرئيس الاميركي بأن يفعله في أول يوم له في منصبه، وتابعت لاغارد "لا يمكنك فقط تحديد بلد معين، لان النظام بأكمله يعمل بعضه مع بعض، وعندما ترتفع العملة في مكان ما تنخفض في مكان آخر". وكان آخر تقرير نصف سنوي قدمته وزارة الخزانة الى الكونغرس قد وضع الصين على لائحة مراقبة بسبب تلاعب محتمل بسعر العملة لتحقيق أفضليات تجارية، وهو اتهام الصق بالصين لسنوات، وجاء تدخل بكين في اسواق الصرف العالمية في السنوات الاخيرة من اجل حماية اليوان من الانخفاض.

دعوات عالمية إلى تجارة مفتوحة

صرحت أكبر المؤسسات الاقتصادية المتعددة الأطراف إن التجارة العالمية استفادت من زيادة الإنتاجية في تخفيض الأسعار لكن الحكومات لم تساعد بشكل كاف العمال وإن المجتمعات تضررت بشدة من الواردات، وفي تقرير يعد إجابتهم على موقف إدارة ترامب الأكثر ميلا للحماية التجارية ذكر صندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية والبنك الدولي إن وجود نظام تجاري مفتوح يستند إلى قواعد يجرى تنفيذها بشكل جيد مهم للازدهار العالمي.

وألقت المؤسسات، التي تروج للتجارة الحرة لعشرات السنين، الضوء على بحث يظهر أن مناطق الصناعات التحويلية الأكثر تعرضا للواردات من الصين منذ نحو عام 2000 شهدت "خسائر كبيرة ومستمرة في الوظائف والأرباح وان معظم هذه الخسائر وقعت على العمال ذوي المهارات المتدنية، ويصف البحث من يطلق عليهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "الأمريكيين المنسيين" والذين يرغب في العمل لأجلهم عبر سياسته التجارية "أمريكا أولا".

وذكرت المجموعات في التقرير إن العمال المسرحين من الصناعات التحويلية يميلون لأن يكونوا أكبر سنا، وأقل تعليما وأطول شغلا للوظيفة التي فقدوها أكثر من العاملين المسرحين من قطاعات أخرى وفي المقابل فإنهم يميلون لاستغراق وقت أطول في العودة إلى العمل، ويوصي التقرير بسياسات حكومية أكثر نشاطا بخلاف إعانات البطالة التقليدية للإبقاء على وإعادة تشغيل العمال الذين تسببت الواردات في تعطلهم عن العمل بما في ذلك برامج لتشجيع انتقال العاملين بشكل أكبر، ويسلط التقرير الضوء على بحث يظهر أن زيادة انفتاح التجارة بواقع نقطة مئوية كاملة رفع الإنتاجية بواقع 1.23 بالمئة على المدى الطويل ودراسة كندية تظهر أن اتفاق التجارة الحرة مع الولايات المتحدة والذي تم إبرامه في الثمانينيات زاد إنتاجية العمال الكنديين في الصناعات القائمة على التصدير الأكثر تأثرا 14 بالمئة ومعظم الصناعات القائمة على الاستيراد المنافسة الأكثر تأثرا 15 بالمئة.

وينظر خبراء الاقتصاد بوجه عام إلى ارتفاع الإنتاجية كعامل مهم لدعم نمو الأجور وارتفاع مستويات المعيشة في الاقتصادات المتقدمة، في الوقت ذاته بين صندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية والبنك الدولي إن دور التجارة كمحرك للنمو العالمي يهدده تباطؤ في إصلاح التجارة منذ أوائل الألفية وزيادة الحماية التجارية بعد الأزمة المالية العالمية، وحثت المنظمات الثلاث في تقرير أطلق في برلين الحكومات على معالجة التأثيرات السلبية للتجارة العالمية على وظائف قطاع الصناعات التحويلية والعمال والمجتمعات خصوصا في الاقتصادات المتقدمة.

واضاف كل من صندوق النقد ومنظمة التجارة العالمية والبنك الدولي إن الدلائل التي ظهرت في الآونة الأخيرة على تأثير التنافسية في الواردات على الوظائف بقطاع الصناعات التحويلية في مناطق بعينها في أوروبا والولايات المتحدة يوضح إلى أي مدى يمكن أن تكون تلك الآثار قاسية في غياب سياسات مصاحبة، وإن غياب الإصلاح الهادف لأن تستفيد قطاعات أكبر من المجتمعات بشكل أكبر من التجارة أثر سلبا على الإنتاجية ونمو الدخل.

أسئلة محيرة عن وضع الاقتصاد العالمي

طُرحت 4 أسئلة مهمة من قبل مختصين في الشأن الاقتصادي العالمي، تعد تؤثر على الأسواق العالمية في المدى القصير.

السؤال الاول هو ما مصير أسعار البترول والمعادن؟

فقد طغى تراجع أسعار البترول لأدنى مستوى العام الحالي، على الأرباح الجيدة لشركات الطاقة الدولية فى الربع الأول، كما تتبدد الثقة فى قدرة منظمة «الأوبك» على تقليص المخزونات المفرطة وإنهاء أسوأ انهيار فى الأسعار منذ جيل، ولا تزال المخزونات ممتلئة، وصادرات المنظمة أعلى من المتوقع، فى الوقت الذى انتعش فيه مجددا قطاع البترول الصخري الأمريكي.

ومن المتوقع أن يجدد وزراء البترول فى رابطة الدول المصدرة، وروسيا، الاتفاق المبدئي لمدة 6 أشهر لتخفيض المعروض بنهاية مايو الحالي. لكن فشلت هذه المحاولة فى انقاذ الأسعار التى تراجعت دون 50 دولارا للبرميل، وتستمر مجهودات رفع السعر، لكن إلى أى مدى ستكون ناجحة؟

ويرى الكسندر أندلاور، المحلل في ألفافاليو أنه لا تزال هناك موجة هبوطية فى الأفق، وقد يشهد السوق انتعاشة قصيرة على المدى القريب وفى الوقت نفسه، تراجعت أسعار المعادن بنسبة 5.4%، وفقا لمؤشر يتم تداوله فى بورصة لندن للمعادن، ويرجع ذلك إلى نقص السيولة فى الصين والموقف بشأن سوقها العقاري، وتعد الصين أكبر مستهلك لجميع المعادن تقريبا، خصوصا النحاس الذى تستهلك 40% من إنتاجه عالميا، ويعتمد مصير المعادن على المدى الذى ستذهب إليه السلطات فى بكين فى تشديد التمويل والسيولة، الأمر الذى قد يؤثر على الطلب فى الوقت الذى تكافح فيه الشركات للحصول على النقدية.

كما أن الاستثمار العقارى فى الصين، سيكون أكثر صعوبة فى الربع الأخير من العام الحالي، نظرا لأن سياسات التشديد تعيق الطلب فى المدن الكبيرة، وتوقع بنك التجارة والصناعة الصيني، أن يتباطأ قطاع العقارات بشكل ملحوظ فى وقت لاحق من العام الحالي.

اما في الاتحاد الاوروبي وفي وقت سابق من العام الحالي، اتسعت الفجوة بين تكاليف اقتراض ألمانيا وإيطاليا لأعلى مستوى فى 3 سنوات، قبل أن يبدأ البنك المركزى الأوروبى شراء الديون من الدول فى منطقة اليورو، ولكن ضاقت الفجوة منذ ذلك الحين، وتقلصت بحدة بعد فوز إيمانويل ماكرون فى أول جولة من الانتخابات الفرنسية، وتراجع الفارق فى العائد يوم الجمعة الماضية إلى 175 نقطة أساس، أى إلى ادنى مستوى منذ يناير.

وبعد تبدد المخاوف من فوز اليمين المتطرف فى فرنسا، هل سيعود المستثمرون فى السندات الآن؟ أم سيتركز انتباههم على الانتخابات الإيطالية التى ستنعقد فى مايو من العام المقبل؟

قد تخفف أجندة الإصلاحات الصديقة للسوق من مخاوف المستثمرين، ومع ذلك سيتعين على الدولة خوض الانتخابات فى العام المقبل، وتعانى الدولة حاليا من ركود سنوى فى مبيعات الأسعار بأرقام لم تكن مشهودة منذ الستينيات. وإذا ظل نقص الإصلاحات مقلقا للمستثمرين بجانب كومة الديون التى تتجاوز الناتج بمقدار 1.3مرة، فمن المحتمل ان تفوز الأحزاب اليمينية الشعبوية إذا قدمت وعودا سياسية راديكالية فى حملتها.

وبعدما غض البنك المركزي البريطاني النظر عن التصريحات العدائية لخروج برياني، يبدو أن المستثمرين مستعدون لكسر المستوى القياسى الذى حققه الجنيه أمام الدولار عند 1.3 دولار للجنيه، نظرا لبيانات الدراسات المسحية الإيجابية عن الاقتصاد البريطاني، واستعداد السوق للبيع، ولكن قد يحبط «المركزي» مزيدا من الارتفاعات، وفى الوقت الذى سيجتمع فيه «المركزي البريطاني»، سيكون تأثير الانتخابات الفرنسية على اليورو قد تبدد، بجانب تبدد تأثير تقرير الوظائف الأمريكية على الدولار، ما سيترك الساحة للمركزي البريطاني واقتصاد المملكة المتحدة.

ويتوقع معظم المحللين استمرار الحذر من جانب «المركزي البريطاني». ورغم تباطؤ نمو الناتج المحلى الإجمالى فى الربع الأول، كانت بيانات التضخم قوية فى مارس، ولا يتوقع السوق ارتفاع أسعار الفائدة سوى فى 2019.

اضف تعليق