q

رغم واقعية البعض وتفاؤلهم بحل قريب وعاجل للازمة البرلمانية والحكومية الحالية، الا ان هناك من يعتقد ان حلها يعد من ضروب التفاؤل في غير محله.

 اذ المشكلة لا زالت قائمة حتى بصدور قرار المحكمة الاتحادية الملتبس حول الازمة النيابية التي زادت من حالة الغموض ولم تحسم الموقف كما انه لازال موقف النواب المعتصمين (موحداً) وايضا مساحة التفاوض للـ٣٦ ساعة القادمة لا تكفي للوصول الى تسويات مقنعة ومرضية لكل الأطراف.

 ولاننسى (العامل الخارجي) لا زال متوارياً خلف القنوات الخلفية لصناع القرار وهو الامر الذي سيضعف من مصداقية الطرف الاخر (النواب غير المعتصمين) ان اعتمدوا على مؤثرات العامل الخارجي.

هذه الازمة المفتعلة انفتحت امامها كل امكانات التصعيد لدى اي قوى لديها قدرة او رغبة في التصعيد لكن الدخول في التصعيد الفعلي سيكون عبارة عن مغامرة وخيار محفوف بالمخاطر، ومن يريد الذهاب اليه عليه ان يتحمل مسؤولياته ويدفع اثمانه اذ سيفترس ساسة العراق أنفسهم ان تبنوا هذا الخيار.

ربما تكون مظاهرات يوم الثلاثاء عنصر ضغط، ولكنها بكل تأكيد سلاح ذو حدين قد تفضي للتصعيد وقد تفضي الى الحل المؤقت.

لكن كل الازمات عندما تصل نهاياتها ولا تتصاعد (كما في حالة العراق الان) لابد ان تفتح باب الحلول وهذه الازمة يبدو انها قد وصلت نهاياتها دون تصعيد خطير يذكر وتؤشر انها ازمة قابله للاحتواء ورغم كل ما اختزنته الازمة من سلبيات لكنه يبدو انها لا تحمل خيارات التصعيد المفتوح او المقلق اكثر من ذلك، وهذا من خلال مؤشر الاصطفافات السياسية وفقا للمقاربات السياسية الاخيرة التي من المؤمل قريبا ان تفضي الوصول الى تفاهمات: وحسب معطيات الخارطة السياسية التالية ممكن ان نؤشر بوادر حلحلة الازمة لصالح الطرف غير المعتصم من النواب وحسب الاتي (ائتلاف المواطن٢٨)، و(كتلة حيدر العبادي ١٧)، و(كتلة بدر ١٨ من اصل ٢٢)، (وتيار الإصلاح ٣ من اصل ٦) (وحزب الفضيلة٦)، (وكتلة مستقلون ٥ من اصل ١٠)، (واتحاد القوى٤٠)، (والتحالف الكردستاني ٥٥ من مجموع ٥٧)، وهؤلاء مجموعهم ١٧١نائب).

 التحالف الكردستاني يبدو قرارهم محسوم رسميا وسيحضر الجلسة التي سيدعو لها سليم الجبوري.

كذلك كتلة بدر واضح قرارهم وهم سيحضرون لجلسة يدعو لها السيد الجبوري، مع لحاظ انهم يرغبون كما في كتلة المواطن ان تستنفذ كل المحاولات لجمع الجميع في جلسة الواحدة.

اما كتلة الاحرار (٣٤) اعلنت انها ستحضر الجلسة التي تقدم فيها الكابينة الوزارية وضمنا انها ستحضر الجلسة التي ستدعو لها هيئة الرئاسة المختلف بشرعيتها بناءً على بيان سماحة السيد مقتدى الصدر التي خاطب بها الرئاسات.

الذي انتشر واوضح صريحا ان النصاب لم يتحقق في جلسة الخميس ولا بعدها وانهم سيحضرون الجلسة برئاسة السيد سليم الجبوري.

اما القوى التي تمثل المعتصمين فمن الممكن تصنيفها وفق الآتي:

نواب (كتلة الدعوة الاسلامية المقر العام جناح نوري المالكي ٥٤)، (وحزب الدعوة الاسلامية تنظيم العراق ٩)، (وائتلاف الوطنية١٠)، (والمنسحبين من اتحاد القوى ١١ دون رئيس كتلة)، (ومتفرقة ٢٥ بدون رئيس كتلة)، وهم يشكلون ما مجموعه (المجموع ١٠٩).

فتصبح المعادلة كالآتي: ٣٢٨ العدد الكلي لأعضاء مجلس النواب، ١٧١ المؤيدون للجبوري ١٠٩معتصمون، ٣٤ كتلة الاحرار، (١٤ نائب على الحياد) لم يحسم موقفهم.

المفاوضات الجارية الى هذه اللحظة تجري مع رؤساء الكتل السياسية وليس مع افراد ولم يتقدم نائب او أكثر بمقترحات او لجنة تفاوضية وهذا يؤكد ان من يدير العملية هم قادة القوى ورؤساء الكتل السياسية.

كذلك لم يطرح النواب المعتصمين او القوى الرافضة لسليم الجبوري ونائبيه اي مشروع او رؤية او خارطة طريق غير تغيير رئيس البرلمان ونائبيه، واما تغيير الرئاسات فهو يدخل ضمن إطار الاعلام والادلجة فقط حسب تصوري.

المفاوضات الان تجري بين نوري المالكي واياد علاوي وخضير الخزاعي كلا على حدة للتفاهم حول استئناف الجلسات والمضي بعملية التغيير الوزاري وهناك تفاهمات اولية قد تعلن عند اكتمالها وفي اللحظات الاخيرة قبل الجلسة المشتركة المفترض عقدها الثلاثاء او اي جلسة موحدة اخرى ان لم تتم جلسة الثلاثاء.

الارقام اعلاه ثبتها من خلال الاستقراء والمتابعة المباشرة للمواقف والاحداث من وهي أقرب للواقع منه للافتراض.

لكن هنالك فرضية تقول ان الطرفين لن يستطيعوا ان يؤمنوا النصاب بمعنى ان النواب المحايدين سيكونون بيضة القبان وهم يتحملون المسؤولية الكاملة في حال تصعيد الازمة وبيدهم ستكون مفاتيح الحل بحسم موقفهم اما مع المعتصمين او مع الممانعين لتغيير الجبوري واستغرب ترددهم الى هذه اللحظة.

قبل قليل أعلن النواب المعتصمون انهم لن يحضروا جلسة الثلاثاء وسيدعون لجلسة أخرى، واحتجوا بتفسير قرار المحكمة الاتحادية المفضي الى ان الطرف المتضرر من نمط عمل مجلس النواب وفق النظام الداخلي ان يشتكي لديها لحسم الموقف.

لكن اقول للنواب المعتصمين عليكم ان تسمحوا للطرف الاخر ان يعقد جلستهم بمعزل عنكم لتبيان موقفهم وتأمنيهم للأغلبية من عدمه حتى نزيل الالتباس حول موضوع الاغلبية المطلقة لكفة من ونحتكم بعدها الى المعيار العددي او للنواب المترددين لحسم موقفهم.

من ملاحظة هذا الحراك ممكن ان نصل الى ايجابية مشجعة بقوة وهي تشكيل كتلة سياسية معارضة وان تكون هذه الكتلة قوية وفاعلة ومؤثرة لتأخذ المؤسسة التشريعية دورها الفعال في مراقبة اداء الحكومة.

لكن استمرار التصعيد دون حلحلة الازمة السياسية الاخيرة سيقودنا إلى خلاصة قاتمة مفادها أن تحرير الموصل وبقية الانبار والفلوجة لن يحدث في 2016. وبالتالي، فإن داعش سيبقى موجوداً حتى بعد انتهاء هذه الدورة الانتخابية وستتحمل الطبقة السياسية الحالية المسؤولية لان أخطاؤها ساعدت على تقوية الارهاب وداعميه. ولاشك أن ذلك سيمثل الجزء الأقبح من تركة هذه الطبقة السياسية.

ادعوا النواب المعتصمين ان يأخذوا بحساباتهم اثمان الحرب ضد "داعش" والضغوطات الاقتصادية المرهقة والتداخلات السياسية، الداخلية والخارجية وحسابات الابعاد الاجتماعية التي، لا تسمح سوى بإيجاد حلول عاجلة لهذه الازمة والتفكير جدياً وملياً للخروج منها بأسرع وقت. فمدة واحتمالات التصعيد لابد ان تتراجع، ولابد ان نذهب لخيارات الحل وقرارات الحل لا يمكن ان تأتي الا من القوى السياسية المتواجدة في البرلمان وخارجه من جهة والحكومة من جهة والشارع الذي يمثل الحلقة الاقوى والقادر على مسك البلاد من جهة أخرى.

لكن حل هذه الازمة بتسوية مؤقتة لا يعني حل مجمل المشكلة لان المشكلة تمس نمط النظام السياسي برمته بمعنى، لا تزال الديموقراطية العراقية هشّة أمام إمبراطورية الفساد إلى الحد الذي يؤكد ان استشراء الفساد سيولد ثورة مستمرة تحاسب الحكومة والنواب وحتى قادة الكتل السياسية.

* مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية
http://mcsr.net

 

اضف تعليق