q

نشاط دبلوماسي كبير يقوم به الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز متنقلا بين القاهرة وانقرة، وبحسب المراقبين باتت تتقمص السعودية دور القائد في الساحة العربية والاسلامية خصوصا وان الملك سلمان بعد عام واحد على تسنمه المنصب شكل تحالفين (عربي واسلامي) هدفهما العلني الارهاب ولا نعرف اي ارهاب يندرج ضمن القوائم السعودية اذا ما علمنا ان اكبر الجماعات الإرهابية المتمثلة بداعش والقاعدة انسلخت من الوهابية، فضلا عن توطيد العلاقات مع اسرائيل، والتخلي عن القومية العربية وابدالها بالقومية السنية وتجريد الشيعة من الهوية العربية والاسلامية.

مصر التي كانت تمثل القائد للامة العربية اصبحت حليفا مقيود للارادة السعودية ومقدراتها بسبب اوضاعها الاقتصادية المتدهورة، فتنازلها عن جزيرتي "تيران وصنافير" اثار سخطا وجدلا واسعا في الاوساط المصيرية، ونشر المغردون خرائط الكتب المدرسية التي تؤكد مصرية الجزيرتين، والأفلام الوثائقية والقرارات الرسمية التي تعلن الجزيرتين محميتين طبيعيتين مصريتين، وقرارات إنشاء مراكز شرطية بهما، إلى آخر الوثائق التي تؤكد اعتبار الجزيرتين مصريتين، اذ قال خالد علي المحامي والمرشح السابق لرئاسة الجمهورية إنه "إذا كانت الجزيرتان فعلا سعوديتين كما قالت الحكومة المصرية، فلماذا تمسكت بهما مصر طوال تلك السنوات برغم مطالبة السعودية"، اذ ان الجزيرتين كانتا سبب حرب حزيران (يونيو) 1967 التي نشبت بين إسرائيل من جهة ومصر وسوريا والأردن من جهة اخرى بين 5 حزيران/يونيو 1967 والعاشر من الشهر نفسه، وأدت إلى احتلال إسرائيل لسيناء وقطاع غزة والضفة الغربية والجولان، وقد أدت الحرب لمقتل 15,000 - 25,000 شخص في الدول العربية مقابل 800 في إسرائيل.

زيارة الملك السعودي لمصر والتي شهدت توقيع 17 اتفاقية للتعاون بين البلدين في مجالات عدة، أبرزها بناء جسر يربط البلدين فوق خليج العقبة، ومشاريع لتنمية جنوب سيناء، ومن ضمنها إنشاء جامعة ومجمعات سكنية، واتفاقيات لتطوير مستشفى القصر العيني التابع لجامعة القاهرة، التي منحت الملك الدكتوراه الفخرية في الطب لخدماته للقطاع الصحي في مصر، بالإضافة الى اتفاقية بناء محطة طاقة كهربية تحولت الى مادة للجدل الحاد عبر وسائل الإعلام، اذ قال عبد الباري عطوان بمقال له في صحيفة (رأي اليوم) "ان حرب حزيران (يونيو) 1967 اندلعت بسبب جزيرتي “تيران” و”صنافير”، وقرار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر اغلاق مضيقهما في وجه السفن الاسرائيلية، ولكننا لا نعتقد ان الحرب العالمية الثالثة ستشتعل بسببهما، بل ربما ما قد يحدث هو العكس تماما، اي ان تتحول الجزيرتان الى جسر لتطبيع مقبل بين القومية السنية السعودية والقومية اليهودية في مواجهة القومية الشيعية، وليس هناك اي شيء مستبعد في هذا الزمن العربي الرديء".

توطيد العلاقات بين مصر والسعودية وسعي المملكة الى التقريب بين مصر وانقرة يوضح ان اسرائيل خارج التحركات السعودية وحروبها الحالية وحتى المستقبلية، فقد اكدت تسريبات صحافية اسرائيلية بان بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء على علم بالاتفاق السعودي المصري حول الجزر وبارك الاتفاق بعد ان حصل على موافقة المجلس الوزاري المصغر الذي ناقشه، اذ اعلن وزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعلون أن إسرائيل طرف في الاتفاق وصادقت عليه، وأبلغ يعلون المراسلين العسكريين في وسائل الإعلام الإسرائيلية، أن حكومته قبلت بفتح الملحق العسكري لمعاهدة السلام مع مصر في إطار الاتفاق المصري - السعودي لنقل السيادة على الجزيرتين، وهذا التصريح لـ"يعلون" يؤكد العلاقات السرية التي باتت تظهر شيئا فشيئا بين اسرائيل والسعودية.

وبالتمعن بهدف السعودية مما تقوم به من علاقات مع اسرائيل والتخلي عن القضية الفلسطينية ومحاولة ترأس الدول العربية ذات الغالبية السكانية السنية، يظهر انها مع تقسيم الشرق الاوسط وتطيبق اتفاقية التقسيم التي خطتها الدول العظمى قبل مئة عام، حيث قال "أمير أورن" المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس"، "إن صفقة تنازل مصر عن جزيرتي تيران وصنافير جيدة بالنسبة لإسرائيل يمكن محاكاتها ليس فقط لحل النزاعات مع الفلسطينيين، بل لإعادة تقسيم الشرق الأوسط بما يتماشى مع مصلحة جميع اللاعبين، بما في ذلك عبر تأجير مصر جزء من سيناء وضمه لقطاع غزة، واستئجار إسرائيل قطاع من الجولان السوري".

وعلى هذا فان قيام السعودية بهذه الهجمة الدبلوماسية التي لا تخلو من اتفاقات سرية لا يعلمها الا الله، وقربها من اسرائيل، ومد الجسور مع مصر وانقرة، وزيادة العلاقات مع الاردن وغيرها من الدول، هل يعبر عن حالة قلق وتخبط تعيشها المملكة لاسيما بعد خسارة حليفتها الولايات المتحدة، ام انها نقطة قوة ستجعل نظام القبيلة سائد في المنطقة التي تعد اكثر مناطق العالم سخونة، ولعل الايام والاتفاقات المستقبلية للسعودية ستكشف ذلك.

اضف تعليق


التعليقات

مشتاق جباري
اخي العزيز احمد ,احييك على هذا المقال التحليلي الجميل ,واسمح لي بألتعقيب على بعض ماورد فيه :اعتقد ان المملكة العربية السعودية لاتتقمص دور القائد ,وهي القائد فعلآ للحالة العربية الراهنة (المجزأة),وقد تناغمت الرؤيا السياسية السعودية مع الاسرائيلية الا انها لم تصل بعد الى مرحلة الاتصال والانفتاح على بعضها البعض رغم ما يقال عن اتصالات سرية بهذا الخصوص,والاهداف المشتركة واضحة ومنها تحجيم واضعاف دول راسخة في قوميتها ومواقفها مثل سوريا واضعاف حزب الله,وفي مصر يبدو ان الرئيس المصري يحاول ان يمارس براغماتية من نوع جديد,وهو ركز في سعيه على الحالة الاقتصادية في بلاده, على حساب الحالة المعنوية التي هز تجاهلها الشارع المصري الذي لازالت تأثيرات المرحلة الناصرية مستمرة فيه.ولا اعتقد ان الجسر الذي تحاول المملكة ان تقيمه مع مصر سيمتد ويتوسع عبر القوميات والمذاهب بهذا الشكل الذي وصفته لان تمددآ من هذا النوع وبهذا الشكل تتحكم به توازنات وعلاقات ,وقرارات استراتيجية لايمكن ان يستعجل اي طرف من الاطراف في التراجع عن بعضها واتخاذ غيرها لأعتبارات عديدة.ولا اعتقد ان تحالف المملكة مع الولايات المتحدة قد تعرض للتفكك كما تفضلت بذلك في رؤيتك التحليلية,فهو تحالف ضارب في العمق ,وربما تتعرض المملكة الى انتقادات امريكية متزايدة الا انها تبقى محاولات ضغط لدفع المملكة نحو تصحيح بعض المسارات وجعلها اكثر وعيآ ومعرفة بموقفها الدولي الذي يمضي نحو فقدانها لمصداقيتها لو استمرت سياستها بهذا الشكل...احيك اخي العزيز ,كنت رائعآ في مقالك هذا وفي جميع ما كتبت .2016-04-14
احمد شرار
العراق
استاذ مشتاق قلت تتقمص بدور القائد لان القائد لابد وان تتوفر فيه شروط لا ارى ما نسبته 5% متوفر في المملكة، فهي لا زالت تحكم وفق نظام القبيلة الامر الذي لا يؤهلها لا تصبح قائدا للشعوب الاسلامية لاسيما العراق ومصر واليمن، اما عن الانفتاح الاسرائيلي السعودي فهو موجود وبحاجة الى مناسبة لاعلانه، اما عن تحالف المملكة فكان سابقا كالزواج الكاثوليكي مع الولايات المتحدة الا ان ادارة اوباما رآى انه ليس من الضروري ان تخوض امريكا حروبا بدل المملكة وانه تبين له ان السعودية باتت تدخل في حروب واتفاقات تحتاج انفاق ودعم هو ليس مجبر على دعمها...مرورك اسعدني شكرا لك كما اني مشتاق اليك كثيرا ايها المشتاق2016-04-16