q

كتب أحد الاصدقاء على صفحته في الفيس بوك:

طلبت من صاحب المحل دجاجة، فجاء الجواب «يا نوع تريد، أكو سعودي للسنة وايراني للشيعة وعراقي للوطنيين وساديا للعلمانيين»..

مؤكد ان ماكتبه هذا الصديق حقيقي وواقعي، وكنت قد سمعت شبيها له حول بيض المائدة المعروض في الاسواق وهو من مناشيء مختلفة "عراقية – ايرانية – تركية" ولاغرابة في ذلك، طالما ان المنسوب الطائفي ارتفع في العراق اعلى من سد الموصل الموشك على الانهيار لدى المتشائمين، واللا انهيار لدى المتفائلين او الحالمين..

تشبه مجمدة الدجاج الحكومة العراقية من ناحية تجميد "المجمد" اصلا واخراجه عندما تدعو الحاجة الى ذلك..

فالتظاهرات التي خرجت ضد الفساد والفاسدين منذ العام الماضي، رغم انها اخذت تفقد زخمها السابق، قابلتها الحكومة بحزمة اصلاحات "اعلامية" اندفع خلفها المتظاهرون وهم يهتفون "وياك.. وياك.. حيدوري" الا ان تلك الاصلاحات تم الالتفاف عليها، اي وضعت في مجمدة الحكومة، ليتم اخراج بعضا منها عندما تقتضي الضرورة، وهي هنا ضرورة البقاء في السلطة اطول فترة ممكنة.

رئيس اقليم كردستان، السيد مسعود البرزاني، والرأس الكبير في الاقليم، وصاحب الاذرع المتعددة، انتبه بعد ان وصل السيل الزبى ان هناك فاسدين في حزبه، وفي حكومة اقليمه، وفي الاقليم نفسه، بعد ان كان يرفض اي اتهام له او لجماعته بالفساد، فالفساد في العراق لايمكن ان يكون الا فساد المحسوبين على الشيعة او المحسوبين على السنة، والاكراد طاهرة ذيولهم من مثل تلك التهم.

لكنه كما قلت صحا من سبات السكرة على اصوات المتظاهرين من الموظفين في اقليمه، حيث اعلن عن قرارات لملاحقة شاملة لجامعي ثروات غير شرعية ومتورطين بفساد..

وجاءت قرارات بارزاني، ضمن جملة "اصلاحات" اعلنها بصفته رئيسًا للاقليم، وتقضي باتخاذ أقصى الإجراءات مع الاشخاص والشركات الذين جمعوا ثروات طائلة بطرق غير قانونية وتورطوا في عمليات فساد ادارية، "حسب آلية قانونية عادلة، مؤكدًا عزمه تحويل ثرواتهم إلى خزائن حكومة الاقليم.

ونص القرار على إجراء الإصلاحات في كل نواحي الحكومة، وهو في حديثه عن الاصلاحات يشبه حديث رئيس الحكومة المركزية حيدر العبادي، وهما الاثنان ينتميان الى نفس الطبقة السياسية التي مارست الفساد وتمارسه، منذ العام 2003 وحتى الان..

وبالتالي تتشابه مجمدة الحكومة المركزية مع حكومة الاقليم، في تجميد المجمّد اصلا، واخراجه عندما تصل السكين الى الرقبة، اقصد رقبة الدجاج..

هذه الايام الجميع مشغول بالتعبير الجديد – القديم الذي طرحه رئيس الحكومة حيدر العبادي وهو "الوزراء التكنوقراط" ، واستقبله الجميع بالترحيب، مع الحاقه بالكلمات المعهودة في تصريحات الساسة العراقيين من قبيل تصريح رئيس المجلس الاعلى عمار الحكيم حيث دعا لان يكون اختيار الوزراء الجدد من التكنوقراط "واضحا وشفافا" وان تكون هناك "اسس ومعايير واحدة" لهذا الاختيار الذي قال انه يجب ان يكون من خلال "لجنة مكونة من التكنوقراط وأصحاب التخصص" تعرض أسماؤها للرأي العام ، مشددا على الحاجة لإحداث تغيير فعلي وعملي مبنياً على أساس وجود "خطة ورؤية واضحة ومقنعة".

يعني هو مثل صاحب المجمدة، في عرض خياراته امام البائع، "وشتريد يجرالك".

بعيدا عن المجمدة، قريبا من الموز هذه المرة، اثار استغرابي الشديد الزيارة التي قام بها السيد اياد علاوي، نائب رئيس الجمهورية المقال "حسب ورقة الاصلاحات الحكومية" بدعوة من رئيس مجلس الوزراء الصومالي، نعم الصومال وليس غيرها..

وشدد علاوي على أهمية الصومال وضرورة تعزيز العلاقات المشتركة معه، وايضا على "عمق الروابط التاريخية بين الشعبين العراقي والصومالي وأهمية الارتقاء بها مرة أخرى".

ولا ادري متى كانت للعراقيين هذه الروابط التاريخية مع الصوماليين، الا اللهم وقت النظام السابق وفي السبعينات والثمانينات حين كان يأتي المسؤولون الصوماليون ويعودون وهم يحملون بعضا من رزم الدولارات في حقائبهم كمساعدة من الحكومة العراقية لهذا البلد الذي لايعرف اغلبنا اهميته للامن القومي العراقي..

طبعا السيد علاوي نقل قاموسه اللغوي معه الى الصومال وهو يتحدث معهم عن "اعتماد المصالحة الوطنية والبدء بالتنمية الاقتصادية كأسس مهمة لاستقرار الصومال ".

وكذلك "التمسك بالقرار السيادي لبلدهم لتجاوز العقبات"، والشعب الصومالي، على "النهوض بقوة لبناء دولته ومؤسساتها الناجزة"، وعلى أن "تأخذ الديمقراطية خصوصية المجتمع وثقافته وتاريخه".

وما اثار استغرابي اكثر هو ما ذكره المكتب الإعلامي لرئيس ائتلاف الوطنية، أن "علاوي عقد بعدها اجتماعاً مغلقاً مع رئيس جمهورية الصومال، حسن شيخ محمود، ورئيس مجلس الوزراء، عمر عبد الرشيد علي، كان ودوداً وشفافاً وصريحاً".

واللافت ايضا ان هذا الاجتماع المغلق حضره ووفقا للبيان "النائب حسن شويرد، والمستشار عارف البهاش، وبالاشتراك مع رئيس جمهورية الصومال ورئيس مجلس الوزراء ومجموعة من الوزراء". ولا ادري كيف هو مغلق مع كل هؤلاء الحضور..

المهم ان القاموس السياسي لرئيس القائمة الوطنية وردت فيه كلمة شفاف وصريح، وهي مثل الشفافية والصراحة التي يتمتع صاحب "المجمدة" الحكومية، واقطاب الطبقة السياسية فيه.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق