q

بعد طرد آخر مسلح من تنظيم داعش الإرهابي شمال العراق الذي بات وشيكاً، بانتظار الحكومة العراقية تحدٍ جديد حول إدارة المناطق وتسوية خلافات شائكة مع إقليم كردستان، سيشعلها الخلاف الكردي العربي التركماني حول محافظة كركوك.

بين حكومتي بغداد وكردستان خلافات عدة حول مناطق "مختلف" حولها وصادرات النفط التي تعد المصدر الرئيسي لميزانية البلاد، وكل ذلك تحركه مشاكل تبدو أسبابها هامشية كأزمة رفع علم حكومة كردستان على مبانٍ حكومية في محافظة كركوك، شمال العراق، التي كانت لها تداعيات داخلية وأخرى خارجية فتحت الباب أمام رئيس تركيا ليزج أنفه في الشأن الداخلي العراقي.

مشاكل الإقليم.. انتهاك سياسي وبرلمان معطّل

تعاني حكومة كردستان أيضاً من وجود احتجاج واضح من قبل بعض المسؤولين الكرد على سياسة الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه رئيس الاقليم مسعود بارزاني المهيمن على السلطة وتعطيله عمل برلمان الاقليم منذ 2015.

وانتهت ولاية رئيس اقليم كردستان مسعود برزاني قبل نحو عامين لكنه ما زال متمسكا بالسلطة من خلال ابعاده جميع الخصوم.

وأحد المحتجين على هذه السياسة هو محافظ السليمانية سردار قادر الذي فضل الاستقالة على البقاء في حكومة يرأسها بارزاني.

يبرر قادر استقالته بالقول: "في بلد تنتهك فيه حرمة السلطة التشريعية لن يستطيع أي شخص أن يخدم المواطنين تحت هذه الظروف"، في اشارة الى تعطيل البرلمان.

وأرجع المحافظ المستقيل كل العراقيل والإحباطات المتكررة فترة وجوده في منصب المحافظ إلى أنه "لا يملك اي صلاحيات" على حد وصفه.

هذه الاستقالة، كواحدة من المشاكل الكثيرة الموجودة داخل الإقليم، تعكس مدى الانقسام السياسي والذي يسعى قادته وفي مقدمهم مسعود بارزاني، الى الانفصال عن بغداد وتشكيل دولة مستقلة.

وبحسب بعض المسؤولين الكرد، فإن "جميع القرارات بيد الحكومة في أربيل التي تنظر الى المسائل من زاوية سياسية" في اشارة الى هيمنة الحزب الديمقراطي الذي يرأسه مسعود برزاني.

أزمة العلم

أما أزمة رفع العلم الكردي على المباني الحكومية في كركوك، مضافاً إليها التصريحات الرسمية من قبل بعض المسؤولين الكرد والتي تعتبرها بغداد "استفزازية"، فهي تمثل رشة الملح على جرح الحكومة التي لا تزال تعاني من مشاكل خطيرة أبرزها محاربة الإرهاب.

وأثارت هذه الخطوة التي اعتبرتها بغداد "غير دستورية" سجالاً بين سياسيي الحكومتين دامت اسابيع، بدأها رئيس مجلس محافظة كركوك ريبوار طالباني الذي اعلن رفض تنفيذ قرار مجلس النواب العراقي الذي قضى برفع العلم العراقي فقط على المباني والدوائر الحكومية في المحافظة وإنزال علم إقليم كردستان.

وقال طالباني آنذاك: "إننا لا نلتزم بقرار مجلس النواب ومن المستحيل إنزال علم إقليم كردستان في كركوك"، معتبرا أن القرار الذي صوت عليه مجلس النواب في وقت سابق مجحف بحق الشعب الكردي، بحسب قوله.

انقسامات لتقرير المصير

القوات الكردية -البيشمركة- تسيطر الآن على مساحات اوسع شمال العراق بعد استعادتها من تنظيم داعش الإرهابي، ويبدو هذا اكثر ما يشجّع الساسة والمسؤولين الكرد على طرح خيار الانفصال الذي تحاول ان تمهد له عبر استفتاء شعبي دعت له حكومة كردستان في وقت سابق.

ويقول محللون سياسيون أنه من المرجح بعد الانتهاء من معركة تحرير الموصل، شمال العراق، ستحل انقسامات عميقة على السلطة والأراضي والموارد بين الأغلبية الشيعية والطائفة السنية والأكراد.

هذا الاستفتاء جاء عبر بيان أصدره الحزبان الكرديان المتنافسان، وهما الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني في وقت سابق أعلنا فيه دعمهما لأجرائه وتركا مسألة الإعلان عن توقيته لحين الاتفاق مع جماعات كردية أخرى أصغر، وفقاً لرويترز.

ويصف مسؤولون كرد الهدف من الاستفتاء بأنه "تقرير المصير" وترك مسألة طبيعة أي صفقة يتم الاتفاق عليها مع بغداد مفتوحة لما بعد الاستفتاء الذي يرجح أن يوافق فيه عدد كبير من الناخبين على الاستقلال.

التصالح أم الانفصال؟

من وجهة نظر المسؤولين الأمريكيين الذين دعموا لسنوات طويلة الأكراد في بسط سيطرتهم على الحكم ذاتياً في كردستان أيام حكم الرئيس السابق صدام حسين، فإن مسألة سعي الكرد للاستقلال تمثل "تحدياً كبيراً" للعراق.

ويرى رئيس وكالة المخابرات الدفاعية الأمريكية جنرال فنسنت ستيوارت إن "قدرة أكراد العراق على التواصل والتفاهم مع الحكومة التي يهيمن عليها الشيعة في بغداد ستلعب دورا أساسيا في تفادي تجدد الصراع".

ووفق ما قاله ستيوارات لرويترز يوم الثلاثاء الماضي، فإن "حل مسألة حقل كركوك النفطي والإيرادات المرتبطة بحقول النفط وحل مسألة الأحقية في مدينة كركوك ستمثل تحديات سياسية كبيرة للحكومة العراقية".

وهذا ما تنبأ به محللون وخبراء كثر، إذ يتوقعون أن كل ذلك "سيؤدي في نهاية المطاف إلى صراع بين جميع الأطراف" وقد ينتهي إلى صراع أهلي جديد في العراق.

اضف تعليق