q

خطاهم الآن، تشرب دقائق الوقت مت كأسٍ يتعتق فيه بكاء الوجود، ملحمةٌ من الضوء البشري الغزير تفند عتمة الفلسفات والأدلجات الواهية التي لاتريد ـ بغرورها المزمن ـ أن تعترف بخوائها أمام الإيمان والولاء المطلقين، ملحمة لاغتسال الأرواح بالخطى المتجهة صوب الجمال المحض وهو يرتكز على شعائر من يقين.

إن إحياء ذكرى أربعينية استشهاد الإمام الحسين صلوات الله عليه أصبحت إيقونة عشق تنتعش سنوياً بـ Refrseh ولائي سماوي يحدثها بأبهى صور التعبير عن هذا الإلتصاق الأسطوري بما انتجه الحسين الشهيد عليه السلام في كربلاء، تحديث تطلقه صرخة (لبيك ياحسين) تمنع فايروسات المسميات القائمة على لاشيئها ذي الأبعاد الناصبية/الإلحادية.

صرخة تخرج من حناجر أبت إلا أن تقشر المعنى الإسلامي من كل ماعلق به من غموض منذ الإنحراف الذي كشر عن أنيابه مع مقولة الإجتهاد مقابل النص ومع جملة (حسبنا كتاب الله)، تلك الجملة التي ما أريد منها إلا الباطل الذي يخط مصير إسلامٍ يقودوه منافقون ليفرغوه من محتواه الأصيل في أوضح صورة من صور الحقد والضغينة على هذا النهج القويم.

إذن هي (لبيك ياحسين) مرة أخرى ومرات ومرات إلى يشاء الله، صرخة تنبع من ارتباطها الوجودي والتكويني بالحسين صلوات الله عليه لتصب في المعنى المحمدي النقي والخالي من كل الشوائب التي أرادت الشر بهذا المعنى لأن إيمانهم إيمان ظاهري قشري (وَمَنْ كَفَرَ بعد ذلك فَأولئِكَ هُمُ الفاسقون / النور 55).

إنَّ المتأمل في مضامين الزيارة الخاصة بذكرى أربعينية سيد الشهداء عليه السلام والواردة عن الإمام جعفر الصادق صلوات الله عليه يجد التأكيدات على قدسية مضامين الطف والتضحيات التي بذلت على أرض كربلاء بأهدافها وطبيعتها وحجمها ونتائجها التي أفضت إلى بقاء الإسلام، (اللهمَّ أني أشهدُ أنّهُ وَلِيُّكَ وابنُ وَلِيِّكَ، وَصَفِيُّكَ وابنُ صَفِيِّكَ، الفائزُ بكرامتكَ أكرمتهُ بالشهادةِ وَحَبَوْتَهُ بالسعادةِ واجْتَبَيْتَهُ بِطيبِ الولادة، وَجَعَلْتَهُ سَيِّداً مِنَ السادة، وقائداً مِنَ القادة، وَذائداً مِنَ الذادة، وأعْطَيْتَهُ مَواريثَ الأَنْبياء)، فأي صفات وأي مكانة اروع من تلك التي نالها الإمام الحسين عليه السلام وهو الذي بذل الدم والروح وضحى بالأهل والعيال والصحب من أجل إعلاء كلمة الحق؟ لذلك من الطبيعي جداً أن ينال كل هذه الدرجات الرفيعة مِنَ الله العلي القدير الذي لايخفى عليه شيء (هَلْ جَزاءُ الإحْسَانِ إلاّ الإحْسَانُ / الرحمن 60).

ورغم أنها ـ زيارة الأربعين ـ تأتي بعد أربعين يوماً من أبشع جريمة عرفها وذهل لها تاريخ البشرية الممتد نجد أن الإمام الصادق عليه السلام يؤكد على التذكير بهذه الجريمة ووحشية مرتكبيها والمصير المخزي الذي انتهوا إليه في الدنيا حيث السخط الإنساني الكبير عليهم فضلاً عن جهنم التي تنتظرهم في الآخرة: (وقد توازَرَ عليه من غَرَّته الدنيا وباع حظه بالأرذل الأدنى وشرى آخرته بالثمنِ الأوكسِ وتغطرسَ وتردّى في هواه وأسخطكَ وأسخط نبيَّكَ، وأطاعَ من عبادكَ أهل الشقاق والنفاق وحملة الأوزار المستوجبين النار).

لكل هذه المضامين الواردة في الزيارة الأربعينية المباركة يزحف الملايين من كل أصقاع العالم لمواساة الركب الحسيني العائد إلى المدينة مفجوعاً بقتل خير من يمشي على الأرض، فقد ورد فضلها في الحديث المروي عن إمامنا الحسن العسكري صلوات الله عليه (علامات المؤمن خمس: صلاة إحدى وخمسين وزيارة الأربعين والتختم باليمين وتعفير الجبين والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم).

وللملايين التي تؤدي هذه الزيارة هدف آخر يضاف للهدف الرئيس وهو الحصول على رضوان الله عز وجل وشفاعة نبيه وأهل بيته صلوات الله عليهم أجمعين، هذا الهدف يتمثل بإدامة زخم التحدي لكل السلطات الديكتاتورية الجائرة التي تحاول منع هذه الزيارة والتضييق على الزوار، وكثير من هذه الممارسات حدثت في عهد السلطة العباسية الجائرة حيث ذاق الموالون لأهل البيت عليهم السلام اشد انواع العقوبات التي ارادت حرفهم عن مسارهم دون جدوى فاستمرت المسيرة المليونية الزاحفة نحو ضريح ابي عبد الله ولسان حال الموالين يصدح بأنشودة الخلود (لو قطّعوا أرجلنا واليدين…. نأتيكَ زحفاً سيدي ياحسين).

وقد امتدت ممارسات التضييق والمنع الى أيام سلطة النظام البعثي المقبور، وحتى في أيامنا هذه على الرغم من أن الوضع السياسي القائم لايمنع هذه الزيارة إلاّ أننا كموالين ومحبين لعترة المصطفى عليهم الصلاة والسلام نواجه هجمة تكفيرية شرسة يقودها أبناء المنافقين والحاقدين من السلف البائس والوهابيين التكفيريين تحاول -خائبة- النيل من كل شيء يمت بصلة إلى أهل بيت الرحمة لذلك نشاهد الأهازيج والقصائد والصرخات المتحدية لزمر الإرهاب والتكفير وهي امتداد لأراجيز أبطال الطف، هذا التحدي يستمده موالو عترة خاتم المرسلين من الشعار النابض بالخلد واليقين (هيهات منا الذلة) التي ظل صداها عابراً لكل المديات يجوب الأزمنة التي تتكرر قبحاً وخنوعاً وتسليماً للباطل وسلطة الباطل، وكأن هذا الشعار لحظة إلهامٍ متدفقة كسديم هائل فيستحيل في خطى الملايين إلى صور رفض تلهب الحماسة التي رفع العالم قبعة الإحترام لها.

لقد نسي الإرهابيون التكفيريون -أو تناسوا- أن قضية الحسين سلام الله عليه والشعائر التي تحتفي بذكرى شهادته وتخلد ذكراه على تنوعها ومستحدثاتها جزء من هوية تتيح لمن يحملها ويتبناها فكراً الكرامة الإنسانية الحقيقية، فقضية هذه الملايين هي الحفاظ على هذه الهوية وتجديد الإنتماء لها.

لقد أثبتت التجارب أن الأفكار لايمكن لها أن تدوم مالم تكن محاطة بعناية السماء الأمر الذي تجسد بشكل لا لبس فيه في بالفكر الحسيني الذي أبقى شعلة الإسلام المضاءة بزيت محمد وآله متوهجة في وقت نشهد فيه انطفاء الكثير من المفاهيم والمسميات كاليسار والليبرالية وغيرها.

لقد وفرت زيارة الأربعين الأرضية الخصبة لبقاء ثمار النهج الحسيني متدلية بطيبها وألقها المتواصل التأثير.

اضف تعليق