q

اهتمت وسائل الاعلام العربية بقضية عاشوراء كونها قضية اسلامية وانسانية ووجدانية, لما لها من تأثيرات على الشخصية العربية والاسلامية, حيث تناولت بعض الصحف كيفية التعامل مع هذا اليوم وهل ان يوم عاشوراء خاص فقط لفئة معين ام لجميع فئات المجتمع. بينما اهتمت صحف اخرى بالشعائر الحسينية التي تقام بهذه المناسبة وتأثيرها على سلوك الشباب, وصحف مزجت مابين الاحداث الماضية واعادتها في الزمن الحالي باختلاف التأريخ والمكان والاشخاص. وفي سياق هذا التسابق مابين الصحف في تغطية هذه الذكرى الاليمة نجد بعض الصحف العربية تجاهلت هذا الموضوع بشكل واضح ولم تتطرق اليه نهائيا, هذا ما سيسرده التقرير التالي:

عاشوراء لم تنتهي الى اليوم

وصف الكاتب زيد البعوه في صحيفة صنعاء اليمنية الاوضاع التي تحدث في اليمن والقصف السعودي عليها هي واقعة طف ثانية باختلاف المكان والزمان والاشخاص:

عاشوراء الحسين بدأت في ذلك العصر لكنها لم تنتهي الى اليوم فهي لاتزال تواجه يزيد وامثال يزيد على مر السنين يزيد العربي ويزيد اليهودي ويزيد الأمريكي وغيرهم يواجههم الامام الحسين بثورته وأهدافها الائتمانية النابعة من ثقافة القران. اليمن تعانق عاشوراء كربلاء على مدى عامين تمر ذكرى عاشوراء الحسين فنرى الحسين واصحابه في مجزرة في سوق او في مدرسة او في مستشفى فنتذكر الامام الحسين وأصحابه ونرى دمائنا تختلط بدمائهم وان اختلف الزمان والمكان والاعداء والأصحاب الا ان الموقف واحد والاهداف واحده.

أضاف العبوه: ان عاشوراء على مدار الساعة قصف ودمار وقتل وحصار ودماء ودموع على مدى 570 يوماً منذ بداية العدوان الى اليوم الذي يصادف يوم العاشر من محرم الذي استشهد فيه الامام الحسين ولكن عاشوراء هذا لعام في اليمن كانت مروعه جداً اقدم فيها يزيد على استهداف صالة عزاء في صنعاء بأربع غارات راح ضحيتها ما يقارب الـ800 مواطن بين شهيد وجريح قبل يوم العاشر بيومين فقط فصار العاشر من محرم في اليمن تختلط الوان الدخان السوداء التي احترقت فيها خيام الحسين بدخان الغارات التي شنتها الطائرات العدوان على الصالة الكبرى بصنعاء واختلط الدم بالدم والمظلومية بالمظلومية والذكرى بالذكرى.

الشعائر الحسينية

تناولت الصحف العراقية قضية عاشوراء بشكل مفصل لارتباطهم بهذا اليوم وقدسيته عندهم, فقد استغل الكاتب علي العكيدي المناسبة لكي يتحدث عن قمر بني هاشم العباس ابن الامام علي عليهما السلام في جريدة الزمان العراقية:

إن الحديث عن العباس بصراحة ليس كأي حديث، اذ أن قمر بني هاشم ببساطة ليس كغيره، فالقلم في حضرة (أبي الفضل) ينتابه الخجل فتراه منعزلا في زحمة الأرواح المتعلقة بحب ذلك العلوي الشجاع، يجلس منفردا حائرا لايدري ماذا يقول، أما الكلمات فمهما امتازت بالدقة والتصويب ومهما اعتلت مكانتها على منبر الحق، تبقى أقل من أن ترسم أمام المتلقي صورة لتلك الشخصية الرائعة. لذلك مهما كتبنا ومهما جادت أقلامنا بالأفضل من المعاني يبقى العباس، ذلك الشبل العلوي الأصيل، فوق مستوى الكتابة، بمواقفه ودوره الريادي وعظمة روحه المتوجة بإيمان فاض على الوجود حتى غدا قبلة للناس يقصدونه بألم ممزوج بالأمل جعل من كربلاء فرحٌ ونجاة، بعد إن كانت كربٌ وبلاء، ومن هنا ظل العباس بنبُله وشجاعته وفضائل ذاته الشريفة، قمرا كما كان وهو على قيد الحياة، يطل على الآخرين ممن يروا في عظمة مبادئه أهلا للحب والإعزاز.

وعن موضوع الشعائر الحسينية ومالها من تأثير على سلوك الشباب كان لشبكة النبأ المعلوماتية رأي فيها:

ان من يتابع أمر الشعائر الحسينية المتضمنة أشكال العزاء على مصاب الإمام الحسين، يلحظ تزايداً في أعداد الشباب المزدلفين في مواكب العزاء، بل والإصرار على أداء هذه الشعائر، من أبسطها، مثل خدمة الزائرين بالطعام والدواء والمسكن وغيرها، مروراً باللطم على الصدور وحضور مجالس الوعظ والذكر، وحتى أكثرها جرأة؛ وهي التطبير.

أضافة: نقطة الدم هذه ليست مثل النقاط الخلافية الاخرى التي تصدّع الرؤوس، إنما تتميز برسالتها الانسانية المحضّة، فهي موجهة الى الجميع، إنها رسالة التضحية بالدم لتحقيق السعادة للإنسان والبشرية، وهو ما جاءت به رسالات السماء، بيد أن المكونات النفسية للشباب تجعلهم ينجذبون بشدة أكثر من غيرهم نحو هذه النقطة الصارخة. إن هذه الشعيرة الحسينية او تلك، عبارة عن لحظات سريعة لكنها غاية في التأثير قياساً بساعات وأيام، بل وسنين من الجهود الثقافية المضنية؛ من محاضرات ومؤلفات وتجمعات وغيرها، في هذه اللحظات يكون الشاب أمام عالم فسيح بإمكانه أن يضع نفسه في المكان المناسب بما يتطابق مع قدراته ليصوغ شخصيته بنفسه دون تدخل خارجي

عاشوراء دعاية انتخابية

اما صحيفة القدس العربي الفلسطينية فكان لها رأي مغاير حول قضية عاشوراء:

مع شهر محرم من كل عام، تتصاعد أشجان موسم الأحزان في المشهد العراقي، بقدوم مراسم عاشوراء وذكرى واقعة الطف التي استشهد فيها نخبة من آل البيت وأصحاب الرسول في كربلاء، حيث تتوشح العاصمة العراقية وباقي مدن العراق، بالرايات السوداء طوال شهري محرم، وتنتشر المواكب الحسينية وسرادقات (خيم) إقامة مراسم العزاء في كل مكان وسط وجنوب العراق.

اضافة الصحيفة: رغم ان أيام العراقيين منذ عشرات السنين، تميزت بمشاعر الألم والحزن للنكبات المتلاحقة التي حلت على البلد من حروب وحصار ظالم واحتلال، أعقبه انهيار شبه كامل في بنيان الدولة والمجتمع، إلا ان مراسم عاشوراء تبقى المناسبة الأبرز لكي يظهر العراقيون مشاعر الحزن والألم، ليس بسبب الذكرى الفاجعة في مقتل النخبة العزيزة على كل المسلمين فحسب، بل ولأن المناسبة أصبحت الفرصة السنوية التي تبرز فيها الأحزاب والقوى الشيعية كل قدراتها وأساليبها على تعبئة جمهور الشارع الشيعي طائفيا وتحشيده وراءها لتحقيق أهدافها السياسية في المحافظة على الصوت الشيعي الذي يحقق لها التفوق في الانتخابات والبقاء في السلطة والتمتع بامتيازاتها.

قلوبهم معك وسيوفهم عليك

القت صحيفة الوطن المصرية الضوء على شخصية الامام الحسين واصراره بالوقوف امام ظلم الدولة الاموية:

المتأمل لشخصية الحسين يجد أن الرجل لم يكن يتوقف كثيراً أمام مسألة الحسابات السياسية، أو يلتفت إلى موازين القوى في الصراع بينه وبين خصمه. عندما قرر الاستجابة لأهل العراق الذين دعوه إلى المجيء إليهم لمبايعته خليفة للمسلمين، نصحه الكثيرون وحذروه من الرحلة الدامية، ارتكز هؤلاء في نصحهم على حسابات دقيقة إلى تقلب مزاج من دعوه، وإلى سطوة القوة الجامحة التي كانت تستند إليها الدولة الأموية، وإلى إصرار «يزيد» على التمسك بالحكم، مهما تكلف من دماء، وبناءً على ذلك تشاءموا من مسألة خروج الحسين إلى أهل العراق، وصرخ به أحدهم واصفاً من دعوه بقوله: «هؤلاء قوم قلوبهم معك وسيوفهم عليك». كان الحسين رجل قيم ومثل ومبادئ، وهذا النوع من البشر يجد طريقه بسهولة إلى قلوب الناس، لكنهم ساعة الجد ينحازون إلى من يمتلك أدوات القوة، لذلك تجد أن أهل العراق ورثوا حسرة كبيرة في قلوبهم على خذلانهم له، لكن ذلك لم يمنعهم من طاعة يزيد الذى يمتلك السيف، وقادر على إعماله في رقابهم وقتما يقرر.

أحياء أمر الكرام

وبينت صحيفة السفير اللبنانية كيف تكون نصرت الامام الحسين من خلال رفع الظلم وتطبيق القوانين والانظمة:

لقد تسابقنا على «هريسة اللئام» وتجاهلنا «إحياء أمر الكرام»، لأننا لم نُحيِ أمرَنا بـ:

أن نجعل القوانين والأنظمة فوق كل اعتبار، عبر تحريرها من تبعية أهل السياسة، كي لا يقف طالب حق عند باب أحد، فذلك ما يحفظ الكرامات ويعزز الانتماء ويبعث الشعور بالمواطنية والعدل والمساواة.

أن نقوم، كلٌّ من موقعه، فنمنع المخالفات على أنواعها، ونراقب تنفيذ مشاريع الدولة وفق دفاتر شروطها، ونزيل التعديات القائمة على المرافق العامة المشتركة، وأن نوقف سرقة وهدر المال العام، ونسعى لتطوير البيئة ووقف نزيفها، ونترك الأمن لأهله، ونحرر القضاء من التبعية والتدخلات، ونعزز دور أجهزة التفتيش ومجلس الخدمة المدنية كي تستقيم الوظائف وفق معيار الكفاءة فقط.

اكدت الصحيفة: بذلك وأكثر تكون نصرة الإمام الحسين وقيمه في رفع الظلم وإحياء الأمر بعيدا عن الهريسة، وعلى مناصريه عندنا ـمن مختلف المشارب أن يكونوا السباقين إلى ذلك كي يخلعوا عنه الرداء العصبي الضيّق الذي حبسوه فيه طويلا، ويلبسوه جلباب الإنسانية الواسع الذي كان يسمو إلى سترنا به جميعا، وما أحوجنا إليه اليوم.

عاشوراء قضية انسانية

ليس مستغرباً أن تتحول قضية الحسين (عليه السلام) إلى مصدر إلهام في الوجدان الإنساني بشكل عام، ومدرسة في النضال من أجل الحرية ومواجهة الاستعباد فقد كتب عنها الكثير من المؤرخين سواء من المسلمين أو غيرهم وتناولوا مختلف أبعادها وآثارها. هذا ما تناولته الكاتبة ريم خليفة في صحيفة رأي اليوم.

وأضافت: للأسف، إن إحياء مراسم عاشوراء في مرحلة تتصاعد فيها موجة الإرهاب ولغة التكفير، أصبحت مجموعة من العوامل التي أدت إلى التباعد بين أطياف الأمة الإسلامية، وانحصرت قضية الحسين بين أتباع المذهب الشيعي، ولم تتجاوزهم مع كونها قضية إسلامية وإنسانية.

والسبب في ذلك أن الاختلاف المذهبي ساهم في تصنيف رموز كل مذهب وحصرهم لدى أتباعهم، ونفي رموز أتباع المذاهب الأخرى، أو التقليل من مكانتهم ودورهم. أضف إلى ذلك الانغلاق على الذات، الناتج عن أسباب ذاتية وخارجية ساهمت أيضاً في التقليل من فرص التفاعل المتبادل فكرياً واجتماعياً.

تجاهل الصحافة السعودية

يحيها ثلاثة ملايين مواطن سعودي يوم عاشوراء إلى جانب المجالس الحسينية والعزاء يحي ففي الوقت الذي يحي ثلاثة ملايين مواطن شيعي سعودي يوم عاشوراء طيلة أيام عاشوراء عدة فعاليات دينية وثقافية واجتماعية خاصة بهذه المناسبة، تزخر المنطقة بالعديد من الانشطة وبينها المعارض الفنية على هامش عاشوراء وتزدحم المجالس الحسينية بمحاضرات لرجال الدين والرثاء، ومعارض للصور وتبرعات بالدم، ومواكب المعزين، تواصل وسائل الاعلام السعودية في داخل والخارج والتابعة للحكومة التعتيم الاعلامي وتحظر نشر كافة الاخبار المتعلقة بحلول ذكرى عاشوراء التي تستمر لمدة أكثر من ثلاثة عشر يوماً. هذا مانشره موقع مؤسسة السبطين العالمية.

وفي السياق نفسه تساءل الكاتب السعودي احمد علي الشمر في شبكة القطيف الاخبارية, هل أن شخصية الإمام الحسين عليه السلام، هي حكرا محصورا، لطائفة واحدة من طوائف المسلمين دون غيرها؟.

أنها والله لمهزلة المهازل بأن تتغاضى وبل تتعمد جميع تلك الوسائل والدوائر المعلوماتية في لعالم الإسلامي اليوم إلى تجاهل هذه الواقعة، ومحاولة تهميش وتجهيل الإنسان المسلم بتلك المأساة الأليمة، إلا من لمام متعمد من تلك الإشارات المتجزأة التي تؤشر بدلالاتها الطائفية المقيتة، للعمل على تشويه وقلب الحقائق، وجعلها مسألة مذهبية تخص طائفة معينة دون غيرها من طوائف المسلمين؟.

أكد الشمر: ان شخصية الإمام الحسين ومقتله في هذه المأساة المروعة، هو وأهله وأصحابه، لاتستحق في نظر القائمين على إدارة دفة وسائل التعليم والإعلام، بمختلف منظوماته وهيئاته وأشكاله في معظم بلدان العالم الإسلامي، لاتستحق لفتة ولو عابرة، للتعريف والتذكير بتلك الذكرى الخاصة بهذه الواقعة، رغم تسجيلها وتوثيقها في مختلف النصوص .والروايات المتواترة لأئمة وعلماء المسلمين وصحابتهم عبر التاريخ.

اضف تعليق