q

مع استمرار التحقيق بتورط روسيا وتواطؤ مسؤولين أمريكيين بالتأثير في نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية لصالح دونالد ترامب، يمكن القول الآن إن عاصفةً سياسية بدأت في واشنطن.

التحقيق لا يزال مستمراً رغم الإقالة المفاجئة لمدير مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق جميس كومي، وربما يكون خلف هذا الاستمرار عواصف أشد.

واشنطن تقول لقد أصبح واضحاً الصيف الماضي أن روسيا حاولت التدخل في انتخابات الرئاسة الأمريكية وأنها حذرت رئيس جهاز الأمن الاتحادي الروسي من أن مثل هذا التدخل سيضر بالعلاقات مع الولايات المتحدة.

لكن الروس، وفق ما يعتقد الأمريكيون، قاموا بمثل هذه الأنشطة على الرغم من الاحتجاجات القوية والتحذيرات الواضحة.

تدخل وقح

هذا الإصرار الامريكي يأتي بناءً على حصول رئيس وكالة الاستخبارات الأمريكية جون برينان على معلومات وتقارير استخباراتية كشفت عن "وجود اتصالات بين مسؤولين روس وأمريكيين منخرطين في حملة ترامب".

وفي إحدى تصريحاته، طالب برينان الجميع بأن يدركوا أن روسيا تدخلت "بوقاحة" في انتخاباتنا الرئاسية عام 2016 وأنها "فعلت ذلك رغم احتجاجاتنا وتحذيراتنا الحازمة والواضحة بعدم التصرف على هذا النحو".

كشف الأسرار لروسيا!

في الوقت ذاته يواجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انتقادات بشأن كشفه معلومات سرية للسفير الروسي ووزير الخارجية سيرغي لافرورف، وفي حال تأكد هذه المعلومات التي نشرها ترامب فإنه وفقاً للقانون الأمريكي انتهك قاعدتين، كما يقول برينان.

الأولى هي أن مثل هذه المعلومات السرية يجب عدم كشفها لسفراء (...) والثانية هي أنه قبل تقاسمها مع حلفاء أجانب يجب التحقق من عدم كشف المصدر وكيفية الحصول عليها"، لكن ترامب ينفي بشدة هذه الاتهامات معتبراً أنه يتعرض لحملة شعواء.

لكن ما هو موقف البيت الأبيض؟

ومرة أخرى، نفى البيت الأبيض وجود أي علاقة بين حملة ترامب وموسكو، وأكد أنه لا يوجد بعد أي دليل على حصول تواطؤ بين روسيا وحملة ترامب، وليس هناك حتى الآن أي دليل على أن الرئيس عرض للخطر أي مصدر أو أنه تشارك معلومات استخبارية.

لكن ما يثير الشكوك حول ترامب، هو أن منسق الاستخبارات الأمريكية دان كوتس رفض القول ما إذا كان ترامب قد طلب منه مساعدته على محاصرة تحقيق الإف بي آي حول وجود علاقات بين حملته الانتخابية وروسيا، إضافة إلى ذلك فإن صحيفة واشنطن بوست أفادت بأن ترامب طلب من مايك روجرز مدير وكالة الأمن القومي ومن كوتس أيضا أن ينفيا علانيّة وجود أدلة على تواطؤ بين فريق حملته وروسيا خلال فترة الحملة الانتخابية.

ويعتقد محققون وفدراليون أن جاريد كوشنر صهر الرئيس دونالد ترامب وكبير مستشاريه لديه معلومات مهمة تتعلق بتحقيقهم في قضية تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية الاميركية.

أما صحيفة واشنطن بوست فقالت من جهتها إن ما يهم المحققين معرفة تفاصيل ومعلومات أكثر عن "سلسلة اجتماعات" شارك فيها جاريد كوشنر إضافة إلى طبيعة اتصالاته مع روسيا.

حذر بريطاني من سعادة بوتين

وبينما ينهمك الأمريكيون في حل لغز هذه القضية الشائكة، تثار المخاوف من تسلل هذه المشكلة المعقدة إلى الانتخابات العامة في بريطانيا.

وقال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون وهو من حزب المحافظين في إشارة إلى بوتين "نعتقد أن هذا ما فعله في أمريكا كما أنه من الواضح بشكل صارخ أن ذلك ما فعله في فرنسا (عندما جرى التسلل إلى البريد الإلكتروني الخاص بالرئيس الفرنسي المنتخب إيمانويل ماكرون)... ومن ثم علينا الحذر".

ومن الآن، بدأت فكرة أن الرئيس الروسي بوتين "سيشعر بالسعادة" إذا فاز جيريمي كوربين زعيم حزب العمال في الانتخابات البريطانية تأخذ مساحة واسعة من تصريحات المسؤولين البريطانيين.

وبدأت بالفعل كل من بريطانيا وألمانيا من الآن تعزيز أمنيهما الالكتروني تحضيراً لانتخابات رئيسية في البلدين، حتى قبل الهجمة الالكترونية التي استهدفت مرشح الرئاسة الفرنسي ايمانويل ماكرون بعد أشهر من وقوع هيلاري كلينتون ضحية القرصنة المعلوماتية، كما تعتقد الأخيرة، إذ قالت في وقت سابق، وخلال مناسبة خيرية الثلاثاء الماضي "لو أن الانتخابات جرت في 27 تشرين الأول/اكتوبر لكنت أنا رئيستكم".

ويرى خبير الأمن الالكتروني ايوان لوسن أن الأحزاب السياسية تشكل أهدافاً سهلة كونها "لا تحظى غالبا بأمن الكتروني قوى".

وإدراكا لحجم المسألة، عقد مركز الأمن الالكتروني الوطني "ندوة تقنية" في آذار/مارس 2017 دعا إليها الأحزاب السياسية الرئيسية في بريطانيا لتزويدها بخطوات عملية لتخفيض خطر حدوث هجمات من هذا النوع وتقديم النصح بشأن كيفية إدارة هذه الحوادث.

ألمانيا خائفة

في غضون ذلك اتخذت السلطات الألمانية خطوات مشابهة قبل الانتخابات العامة التي ستجري في ايلول/سبتمبر.

وفي آذار/مارس، حذرت آرني شوينبوم، رئيسة المكتب الفدرالي الألماني لأمن المعلومات من أن الشبكات الحكومية تتعرض لهجمات "بشكل يومي".

وبحسب رئيس الاستخبارات المحلية، هانز-جورج ماسن، فإن ألمانيا تواجه "تجسسا الكترونيا عدوانيا بشكل متزايد" فضلا عن هجمات أخرى متفرقة.

وكما هو الحال في الولايات المتحدة، حددت كل من لندن وبرلين، روسيا كمصدر معظم الهجمات.

وتصر موسكو على رفضها لجميع الاتهامات بأن الدولة ترعى الهجمات الالكترونية حيث أكد بوتين "نحن لا نتدخل أبدا بالحياة والعملية السياسية في الدول الأخرى".

اضف تعليق