q

إنها ليست المرة الأولى التي تتلبد فيها سماء العالم بغيوم تهديدات (امريكية روسية) غير مباشرة.. فروسيا بعد يوم واحد من استخدام واشنطن لما يعرف بـ "أم القنابل" في أفغانستان، أعلنت أن "أبو القنابل" الذي بحوزتها "يعادل أربع قنابل أميركية"، وفقاً للإعلام الروسي.

ماذا لو قررت واشنطن أو روسيا أو كوريا أو أي دولة نووية أخرى أن تنتقل من مرحلة الاستعراض والتهديد إلى التنفيذ على أرض الواقع؟.. حتماً سيكون الشرق الأوسط أفضل حقل للتنفيذ والتجربة، وهو ما بدأ يحدث فعلاً منذ أعوام لكنه بمستوىً متوسط، غير ان هذا المستوى قد يرتفع في أي لحظة تقرر فيها "السيطرة" أن تكون سيدة الموقف بعد أن تغادره الحكمة.

حقل تجارب..

عندما وجهت وكالة رويترز سؤالاً لمواطن افغاني كان يسكن على مقربة من محل سقوط "أم القنابل"، التي استهدفت أنفاقاً لتنظيم داعش الإرهابي -بحسب واشنطن- عن انطباعه حول ما يجري في بلاده. قد يكون السؤال على النحو التالي: "ماذا لو أخطأ الأمريكان هدفهم وسقطت أم القنابل على المدنيين؟".

يجيب مير علم شينواري بالقول: "إذا أردت أن تدمر وتقضي على داعش، عندئذ حتى إذا دمرت منزلي فإنني لن اشتكي لأنهم ليسوا بشرا. إنهم وحوش."

هذه الإجابة تعكس حجم اللامبالاة التي تعيشها شعوب وانظمة دول كثيرة في المنطقة والتي حولتها الدول العظمى إلى ساحة حرب مفتوحة لتصفية الحسابات، وقليلون جداً أولئك الذين يعون شيئاً مما يجري من حولهم، لكن لن تحركهم "يدا ميتة روسية" او "أم القنابل الأمريكية" ما داموا يفكرون بأسهل طرق الخلاص من داعش وباقي التنظيمات الإرهابية التي لا يقل خطرها عن خطر صراع التسلح النووي والجرثومي.

مواطن باكستاني آخر يقول لرويترز أيضا: "إذا كانت أمريكا تريد التخلص من داعش فإن هذا سهل للغاية لأنهم هم من أوجدوا هذه الجماعة."، أما هذه الإجابة فتعكس حجم الشكوك التي بدأت تدور حول واشنطن من قبل البعض، فهم يرون أن وجود هذه التنظيمات مبرر كافٍ لوجود الجيش الأمريكي واستخدامه لأي سلاح يريد.

القنبلة سقطت على "حيوانات"!!

في أول تصريح له بعد سقوط ام القنابل على ولاية ننغرهار شرقيَ أفغانستان، وصف القائد الأعلى للقوات الأمريكية الجنرال جون نيكلسون تنظيم داعش الإرهابي بـ "الحيوانات"

ويعتقد نكيلسون ان في ذلك تبرير كافٍ لاستخدام القنبلة العملاقة التي لم تقتل أكثر من 36 مسلحاً فقط، فيما نفى التنظيم الإرهابي عبر إعلامه الرسمي سقوط أي قتلى ضمن صفوفه.

لكن الأمر لا يمكن ان يخرج عن أن في استخدام هذه القنبلة رسائل واضحة إلى كوريا الشمالية التي تملك برنامجاً نووياً في باطن الأرض، وإلى إيران التي بدأت تخصب اليورانيوم في جبل جرانيتي، فيما يقول مسؤول في الإدارة الأمريكية لم تكشف عن هويته رويترز: "إن الهجوم يعزز أيضا الرسالة التي أعطاها الرئيس دونالد ترامب لقادته العسكريين والتي تمنحهم حرية في اتخاذ القرار أكبر مما كان في عهد سلفه باراك أوباما".

ما هي أم القنابل؟

هي قنبلة مدمرة تحوي 8480 كلغ من مادة اتش6 المتفجرة بحسب موقع المنظمة وتوازي قوة تفجيرها 11 طنا من التي أن تي، ويبلغ طولها 9 أمتار وقطرها مترا واحدا، ووزنها 9,8 أطنان وتشكل أضخم سلاح غير نووي في الترسانة الأمريكية، بحسب "غلوبال سيكيوريتي"، وهي أضخم قنبلة في التاريخ مسيرة بالأقمار الصناعية وتلقى من الجو.

وتلقى القنبلة من مزلقة الشحن في طائرة نقل من طراز سي-130، وتبطئ مظلة سرعة سقوطها وهو ما يجيز إلقاءها من ارتفاع أكبر ويمنح بالتالي الطيار وقتا كافيا للوصول إلى مكان آمن.

وصممت هذه القنبلة الارتجاجية لتنفجر قبل ارتطامها بالأرض، ويضاعف غلاف من الألمينيوم الرقيق قوة عصفها وتوليد موجة صدم تصل إلى 150 مترا بحسب موقع "وايرد".

وتقول وكالة فرنس برس، ان القنبلة طورت في 2002-2003 من قبل شركة داينتيكس لصناعات الفضاء والدفاع بالتعاون مع مخبر سلاح الجو للابحاث، بحسب موقع الشرطة، وبحسبها، فإن الفكرة الأولية للقنبلة تحولت إلى مخطط تصميم مفصل في غضون ثلاثة أشهر فحسب، وخضعت لثلاث تجارب ناجحة في 13 يوما. وتم انتاجها في البدء لاستخدامها في الفترة الأولى لحرب العراق.

لماذا استخدم الجيش الأمريكي هذه القنبلة؟

يقول الجيش الأمريكي أنه استهدف عبر هذه القنبلة شبكة أنفاق عميقة لتنظيم داعش الإرهابي في منطقة اشين بولاية ننغرهار (شرق أفغانستان) التي تعتبر معقلاً للتنظيمات الإرهابية على حدود باكستان.

وتقع هذه المنطقة الجبلية والنائية جدا التي يتعذر على القوات الباكستانية الحكومية بلوغها إلى شمال تورا بورا، أي شبكة الأنفاق المتشعبة التي استعان بها زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن للفرار من القوات الأمريكية والمغادرة إلى باكستان في أواخر 2001.

أما البيت الأبيض، فيرى أن القنبلة التي استهدفت "شبكة أنفاق وكهوف يستخدمها مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية"، ستحد من استهداف مستشارين عسكريين أمريكيين وقوات أفغانية في المنطقة، سيما وأن جندياً أمريكياً قد قتل في نفس المنطقة التي اسقطت فيها القنبلة.

أبو القنابل في روسيا!

في المقابل، نشر الإعلام الروسي: "إذا كانت أميركا ألقت "أم القنابل"، فإن روسيا تمتلك "أبا القنابل" ذات القدرة التدميرية الهائلة أيضاً".

ووفق وسائل الاعلام الروسية، فإن هذه القنبلة تثير "موجة تفجيرية أقوى من تلك التي تخلقها القنابل النووية، لكن من دون تأثيرات جانبية كتلك الموجودة بالأسلحة النووية".

وقال نائب رئيس هيئة الأركان الروسية السابق، الجنرال أليكس روشكينبين: إن "أبا القنابل" أصغر حجماً من "أم القنابل" لكنها أكثر فتكًا، بسبب درجات الحرارة المرتفعة التي تولدها".

هذه القدرة العالية للدول المستعرضة بالقوة والسلاح الفتاك، تضع مصداقيتها أمام العالم في مواجهة الإرهاب على المحك، فإذا كانت وسائل معالجة التنظيمات الإرهابية متاحة لها بهذا الشكل ويمكن القيام بها في أي لحظة وبدقة عالية، ماذا تنتظر إذاً؟ أم أن ثمة أهداف أخرى وراء هذه الحرب؟!!

اضف تعليق